وبما أنّ الآيات السابقة تناولت المهاجرين من الذين طردوا من ديارهم وسلبت أموالهم، لأنّهم قالوا: ربّنا الله، ودافعوا عن شريعته، فقد إعتبرتهم الآية التالية مجموعة ممتازة جديرة بالرزق الحسن وقالت: (والذين هاجروا في سبيل الله ثمّ قتلوا أو ماتوا ليرزقنّهم الله رزقاً حسناً وإنّ الله لهو خير الرازقين).
قال بعض المفسّرين: إنّ "الرزق الحسن" هو النعم التي تشدّ نظر الإنسان إليها عند مشاهدته لها فلا يدير طرفه عنها، وإنّ الله وحده هو القادر على أن يمنّ على الإنسان بهذا النوع من الرزق ... ذكر بعض المفسّرين سبباً لنزول هذه الآية خلاصته: "لمّا مات عثمان بن مظعون وأبو سلمة بن عبدالأسد، قال بعض الناس: من قتل في سبيل الله أفضل ممّن مات حتف أنفه، فنزلت هذه الآية مسويّة بينهم، وإنّ الله يرزق جميعهم رزقاً حسناً، وظاهر الشريعة يدلّ على أنّ المقتول أفضل.
وقد قال بعض أهل العلم: إنّ المقتول في سبيل الله والميّت في سبيل الله شهيد"(2).
﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ في طاعته من مكة إلى المدينة أو من أوطانهم في سرية ﴿ثُمَّ قُتِلُوا﴾ في الجهاد ﴿أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ نعيم الجنة ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ لانتهاء كل رزق إليه.