لابدّ له من قوّة ظاهرية وباطنية وسند على حقانيته... فلذا أمر موسى بأن يلقي عصاه: (وألق عصاك).
فألقى موسى عصاه، فتبدلت ثعباناً عظيماً، فلمّا رآه موسى يتحرك بسرعة كما تتحرك الحيّات الصغار خاف وولّى هارباً ولم يلتفت إلى الوراء: (فلما رآها تهتزّ كأنّها جان ولّى مدبراً ولم يعقِّب).(3)
ويحتمل أنّ عصا موسى تبدلت بادىء الأمر إلى حيّة صغيرة، ثمّ تحولت إلى أفعى كبيرة في المراحل الأُخر!
وهنا خوطب موسى مرّة أُخرى أن (يا موسى لا تخف إنّي لا يخاف لديّ المرسلون) فهنا مقام القرب، وحرم أمن الله القادر المتعال.
وهنا لا معنى للخوف والوحشة.
ومعنى الآية: أن يا موسى إنّك بين يدي خالق الوجود العظيم، والحضور عنده ملازم لأمن المطلق!.
ونقرأ نظير هذا التعبير في الآية (31) من سورة القصص: (يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين).
﴿وَأَلْقِ عَصَاكَ﴾ فألقاها ﴿فَلَمَّا رَآهَا﴾ تتحرك ﴿كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ حية خفيفة ﴿وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ ولم يرجع فقال تعالى ﴿يَا مُوسَى لَا تَخَفْ﴾ منها أو مطلقا بدليل ﴿إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ لعصمتهم عما يوجب عقوبة يخافونها وإن كانوا أخوف الناس هيبة لعظمته تعالى.