التّفسير
قصّة الهُدهد وملكة سبأ:
يشير القرآن في هذا القسم من الآيات إلى جانب آخر من حياة سليمان(ع)المدهشة، وما جرى له مع الهدهد وملكة سبأ.
فيقول أوّلا: (وتفقّد الطير).
وهذا التعبير يكشف هذه الحقيقة، وهي أنّه كان يراقب وضع البلاد بدقّة، وكان يتحرى أوضاع حكومته لئلا يخفى عليه غياب شيء، حتى لو كان طائراً واحداً.
وما لا شك فيه أنّ المراد من الطير هنا هو الهُدهد، لأنّ القرآن يضيف استمراراً للكلام (وقال ما لي لا أرى الهُدهد أم كان من الغائبين).
وهناك كلام بين المفسّرين في كيفية التفات سليمان إلى عدم حضور الهدهد.
فقال بعضهم: كان سليمان(ع) عندما يتحرك تظلل الطير بأنواعها فوق رأسه فتكون مثل الخيمة، وقد عرف غياب الهدهد من وجود ثغرة في هذا الظل!.
وقال بعضهم: كان الهدهد مأموراً من قبل سليمان بالتقصيّ عن الماء كلما دعت الحاجة إليه... وعندما دعت الحاجة إلى الماء في هذه المرّة لم يجد الهدهد فعرف غيابه.
وعلى كل حال، فهذا التعبير (ما لي لا أرى الهُدهد) ثمّ قوله: (أم كان من الغائبين)لعله إشارة إلى أن غياب الهدهد هل كان لعذر مقبول أولغير عذر؟
وعلى أيّة حال، فان حكومة منظمة ومقتدرة يجب أن تجعل كل شىء يجري داخل اطار الدولة تحت نظرها ونفوذها.. حتى وجود طائر واحد وغيابه، لابدّ أن لا يخفى عن علمها و نظرها... وهذا درس كبير لمن أراد التدبير.
﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ﴾ وكانت تظله عن الشمس فوقعت نفحة منها على رأسه فنظر فإذا موضع الهدهد خال أو احتاج إليه لأنه يرود له الماء لأنه يراه من بطن الأرض ﴿فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ فلم أره لغيبة.