وهنا أظهر شخصان استعدادهما لإمتثال طلب سليمان(ع)، وكان أمر أحدهما عجيباً والآخر أعجب! إذ (قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك)(1).
فهذا الامر علي يسير، ولا أجد فيه مشقة، كما أنّي لا أخونك أبداً، لأنّي قادر على ذلك (وإني عليه لقوىّ أمين).
و"العفريت"... معناه المارد الخبيث.
وجملة (وإنّي عليه لقوي أمين)المشفوعة بالتأكيدات من عدّة جهات "إنّ والجملة الإسميّة، ولام التوكيد" تشر إلى احتمال خيانة هذا العفريت... لذلك فقد أظهر الدفاع عن نفسه بأنه أمين وفىّ.
وعلى كل حال فإنّ قصّة "سليمان" مملوءة بالعجائب الخارقة للعادات فلا عجب أن يُرى عفريت بهذه الحالة مُبدياً استعداده للقيام بهذه المهمّة خلال سويعات.. وسليمان يقضي بين الناس، أو يتابع أُمور مملكته، أو يقدم نصحه وإرشاده للآخرين.
﴿قَالَ عِفْريتٌ﴾ مارد قوي ﴿مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ﴾ مجلسك للحكم ومدته نصف النهار ﴿وَإِنِّي عَلَيْهِ﴾ على حمله ﴿لَقَوِيٌّ أَمِينٌ﴾ على ما فيه من جوهر وغيره.