وعلى كل حال... فلمّا جاءت (قيل أهكذا عرشك) والظاهر أن القائل لها لم يكن سليمان نفسه، والاّ فلا يناسب التعبير بـ "قيل"، لأنّ اسم سليمان ورد قبل هذه الجملة وبعدها، وعُبّر عن كلامه بـ "قال".
أضف إلى ذلك أنّه لا يناسب مقام سليمان(ع) أن يبادرها بمثل هذا الكلام.
وعلى أي حال.
فإنّ ملكة سبأ أجابت جواباً دقيقاً و (قالت كأنّه هو).
فلو قالت: يشبه، لأخطأت.. ولو قالت: هو نفسه، لخالفت الإحتياط، لأنّ مجيء عرشها إلى أرض سليمان لم يكن مسألة ممكنة بالطرق الإعتيادية، إلاّ أن تكون معجزةً.
وقد جاء في التواريخ أن ملكة سبأ كانت قد أودعت عرشها الثمين في مكان محفوظ، وفي قصر مخصوص فيه غرفة عليها حرس كثير!
ومع كل ذلك فإنّ ملكة سبأ استطاعت أن تعرف عرشها رغم كل ما حصل لهمن تغييرات.. فقالت مباشرة: (وأوتينا العلم من قبلها وكنّا مسلمين).
أي، إذا كان مراد سليمان(ع) من هذه المقدمات هو اطلاعنا على معجزته لكي نؤمن به، فإنّنا كنّا نعرف حقانيته بعلائم أخر.. كنّا مؤمنين به حتى قبل رؤية هذا الأمر الخارق للعادة فلم تكن حاجة إلى هذا الامر.
﴿فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ﴾ تشبيها عليها ﴿قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ﴾ كانت حكيمة لم تقل هو لجواز كونه مثله ﴿وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ﴾ قول سليمان أي أوتينا العلم بالله وقدرته قبلها وكنا مخلصين له أو من كلامها أي أوتينا العلم بقدرة الله وصحة نبوة سليمان من قبل هذه المعجزة أو الحالة بما سبق من المعجزات.