التفسير
تآمر تسعة رهط في وادي القُرى:
نقرأ هنا قسماً آخر من قصّة "صالح" وقومه، حيث يكمل القسم السابق ويأتي على نهايته، وهو ما يتعلق بالتآمر على قتل "صالح" من قِبل تسعة "رهط"(1) من المنافقين والكفار، وفشل هذا التآمر! في وادي القرى منطقة "النّبي صالح وقومه".
يقول القرآن في هذا الشأن (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون).
ومع ملاحظة أنّ "الرّهط" يعني في اللغة الجماعة التي تقلُّ عن العشرة أو تقلّ عن الأربعين، فإنّه يتّضح أن كلاّ من المجموعات الصغيرة التسع كان لها منهج خاص، وقد اجتمعوا على أمر واحد، وهو الإفساد في الأرض والاخلال بالمجتمع (ونظامه الإجتماعي) ومبادىء العقيدة والأخلاق فيه.
وجملة "لا يصلحون" تأكيد على هذا الأمر، لأنّ الإنسان قد يفسدُ في بعض الحالات ثمّ يندم ويتوجه نحو الإصلاح.. إنّ المفسدين الواقعيين ليسوا كذلك، فهم يواصلون الفساد والإفساد ولا يفكرون بالإصلاح!.
وخاصّة أن الفعل في الجملة "يفسدون" فعل مضارع، وهو يدل على الإستمرار، فمعناه أن إفسادهم كان مستمراً... وكلّ رهط من هؤلاء التسعة كان له زعيم وقائد... ويحتمل أن كلاًّ ينتسب إلى قبيلة!.
﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ﴾ ميز به التسعة لأنه بمعنى الجمع وهو من الثلاثة إلى العشرة أي تسعة رجال ﴿يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ ولا يخلطون إفسادهم بصلاح.