وهنا ينقدح هذا السؤال، وهو: إذا كان القرآن حقّاً مبيناً فلماذا خالفوه؟فالآيات التالية تجيب على هذا السؤال، فتقول: إذا كان أُولئك لا يذعنون للحق المبين، ولا يؤثر في قلوبهم هذا الكلام المتين، فلا مجال للعجب.. لـ (إنّك لا تسمع الموتى)(3).
بل تسمع الأحياء الذين يبحثون عن الحق وأرواحهم توّاقة إليه، أمّا إحياء الموتى - أو موتى الأحياء - لتعصبهم وعنادهم واستمرارهم على الذنب، فلا ترهق فكرك ونفسك من أجلهم وحتى لو كانوا احياء فانهم صمّ لا يسمعون فلا يمكنهم أن يسمعوا صوتك، وخاصة إذا اداروا إليك ظهورهم وابتعدوا عنك (ولا تسمع الصمّ الدعاء إذا وَلّوا مدبرين).
ولعلهم لو كانواعندك وكنت تصرخ فيهم لبلغت بعض أمواج صوتك إلى مسامعهم، إلاّ أنّهم مع صممهم يبتعدون عنك.
﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ شبهوا بالموتى لعدم تدبرهم ما يتلى عليهم كما شبهوا بالصم في ﴿وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ﴾ فهم حينئذ بعيد عن الأسماع.