وعلى أثر لطف الله أحست أم موسى بالإطمئنان، ولكنّها أحبت أن تعرف مصير ولدها، ولذلك أمرت أخته أن تتبع أثره وتعرف خبره (وقالت لأخته قصّيه).
كلمة "قصّيه" مأخوذة من مادة "قصّ" على زنة "نصَّ" ومعناها البحث عن آثار الشيء، وإنّما سميّت القصّة قصّةً لأنّها تحمل في طياتها أخباراً مختلفة يتبع بعضها بعضاً.
فاستجابت "أُخت موسى" لأمر أمّها، وأخذت تبحث عنه بشكل لا يثير الشبهة، حتى بصرت به من مكان بعيد، ورأت صندوقه الذي كان في الماء يتلقفهآل فرعون.. ويقول القرآن في هذا الصدد: (فبصرت به عن جنب).
ولكن أُولئك لم يلتفتوا إلى أن أخته تتعقبه (وهم لا يشعرون).
قال البعض: إن خدم فرعون كانوا قد خرجوا بالطفل من القصر بحثاً عن مرضعة له، فرأتهم أخت موسى.
ويبدوا أنّ التّفسير الأوّل أقرب للنظر، فعلى هذا بعد رجوع أم موسى إلى بيتها أرسلت أخته للبحث عنه، فرأت - من فاصلة بعيدة - كيف استخرجه آل فرعون من النيل لينجو من الخطر المحدق.
هناك تفاسير أُخرى لجملة (وهم لا يشعرون) أيضاً.
فالعلامة "الطبرسي" لا يستعبد أن يكون تكرار هذه الجملة في الآية السابقة والآيات اللاحقة إشارة إلى هذه الحقيقة، وهي أن فرعون جاهل بالاُمور إلى هذه الدرجة فكيف يدعي الرّبوبية؟ وكيف يريد أن يحارب مشيئة الله التي لا تُقهر!؟.
﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ﴾ مريم ﴿قُصِّيهِ﴾ اتبعي أثره وتعرفي خبره ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ﴾ عن بعد مجالسة ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أنها أخته أو لغرضها.