وتم كل شيء بأمر الله (فرددناه إلى أُمّه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون (4)).
هنا ينقدح سؤال مهم وهو: هل أودع آل فرعون الطفل "موسى" عند أُمّه لترضعه وتأتي به كل حين - أو كل يوم - إلى قصر فرعون لتراه امرأة فرعون؟!
أم أنّهم أودعوا موسى في القصر وطلبوا من المرضع "أم موسى" أن تأتي بين فترات متناسبة إلى القصر لترضعه؟!
لا يوجد دليلٌ قوي لأيٍّ من الإحتمالين، إلاّ أن الإحتمال الأوّل أقرب للنظر كما يبدو!
وهناك سؤال آخر أيضاً، وهو: هل انتقل موسى إلى قصر فرعون بعد إكماله فترة الرضاعة، أم أنّه حافظ على علاقته بأُمّه وعائلته وكان يتردد ما بين القصر وبيته؟!
قال بعضهم: أودع موسى بعد فترة الرضاعة عند فرعون وامرأته، وتربى موسى عندهما، تنقل في هذا الصدد قصص عريضة حول موسى وفرعون، ولكن هذه العبارة التي قالها فرعون لموسى(ع) بعد بعثته (ألم نربّك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين؟!) (5)، تدل بوضوح على أن موسى عاش في قصر فرعون مدة، بل مكث هناك سنين طويلة.
ويستفاد من تفسير علي بن إبراهيم أن موسى(ع) بقي مع كمال الإحترام في قصر فرعون حتى مرحلة البلوغ، إلاّ أنّ كلامه عن توحيد الله أزعج فرعون بشدة إلى درجة أنّه صمّم على قتله، فترك موسى القصر ودخل المدينة فوجد فيها رجلين يقتتلان، أحدهما من الأقباط والآخر من الأسباط، فواجه النزاع بنفسه "وسيأتي تفصيل ذلك في شرح الآيات المقبلة إن شاء الله"(6).
﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا﴾ بلقائه ﴿وَلَا تَحْزَنَ﴾ لفراقه ﴿وَلِتَعْلَمَ﴾ عيانا ﴿أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ برده إليها ﴿حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ﴾ أي الناس ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ حقيقة وعده.