لكن موسى(ع) أجابهم بلهجة التهديد والوعيد، حيث يكشف لنا القرآن هذا الحوار (وقال موسى ربّي اعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبةالدار).
إشارة إلى أنّ الله يعلم حالي، وهو مطلع عليّ بالرغم من اتهامكم إيّاي بالكذب.. فكيف يمكن أن يمكنني الله من الأُمور الخارقة للعادات لكي أضل بها عباده؟
فعلمه بحالي ومنحه لي هذه القدرة على الإتيان بالمعجزات دليل على حقانية دعوتي.
ثمّ بعد هذا، الكاذب قد يقضي فترة بين الناس بالكذب والخديعة، لكن سرعان ما يفتضح أمره، فانتظروا لتشهدوا من تكون له العاقبة والإنتصار.. ولمن يكون الخزي والإندحار!؟
ولو كان كلامي كذباً فأنا ظالم و(إنّه لا يفلح الظالمون).
وهذا التعبير يشبه تعبيراً آخر في الآية (69) من سورة "طه" إذْ جاء بهذه الصيغة "ولا يفلح الساحر حيث أتى".
وهذه الجملة لعلها إشارة ا لى الفراعنة المعاندين والمستكبرين ضمناً، وهي أنّكم مقتنعون بمعاجزي ودعوتي الحقّة، ولكنّكم تخالفونني ظلماً.. فعليكم أن تعرفوا أنّكم لن تنتصروا أبداً، والعاقبة لي فحسب.
والتعبير بـ (عاقبة الدار) ربّما كان إشارة لعاقبة الدار الدنيا، أو لعاقبة الدار الآخرة، أو لعاقبة الدارين جميعاً، وبالطبع فإنّ المعنى الثّالث أجمع وأنسب حسب الظاهر.
بهذا المنطق المؤدب أنذر موسى(ع) فرعون وقومه بالهزيمة في هذه الدنيا وفي الأُخرى!.
﴿وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ﴾ فيصدقه بالمعجز ﴿وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ الدنيا أي عاقبتها المحمودة وهي الجنة فإنها المعتد بها ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ لا يفوزون بخير.