ثمّ يبيّن القرآن الكريم هذه الحقيقة، وهي أنّ ما ذكرناه لك "يارسول الله، في شأن موسى وفرعون وما جرى بينهما بدقائقه، هو في نفسه دليل على حقانيّة القرآن، لأنّك لم تكن "حاضراً" في هذه "الميادين" التي كان يواجه موسى فيها فرعون وقومه! ولم تشهدها بعينيك.. بل هو من الطاف الله عليك، إذ أنزل عليك هذه الآيات لهداية الناس.. يقول القرآن: (وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر) أي الأمر بالنبوّة (وما كنت من الشاهدين).
الذي يجلب الانتباه ويستلفت النظر هنا أنّ موسى(ع) حين سار من مدين إلى مصر مرّ في طريق سيناء، وكان بهذا الاتجاه يسير من الشرق نحو الغرب.
وعلى العكس من ذلك مسير بني إسرائيل حين جاءوا من مصر إلى الشام ومرّوا عن طريق سيناء، فإنّهم يتجهون بمسيرهم من الغرب نحو الشرق.. ولذلك يرى بعض المفسّرين أنّ المراد من الآية "60" (فاتبعوهم مشرقين) في سورة الشعراء التي تتحدث عن متابعة فرعون وقومه لبني إسرائيل، هو إشارة إلى هذا المعنى!
﴿وما كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ﴾ بجانب المكان أو الجبل أو الوادي الغربي من موسى ﴿إِذْ قَضَيْنَا﴾ حين أوحينا ﴿إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ﴾ أي رسالته وشريعته أي لم تحضر مكان أمرنا إليه ﴿وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ للوحي إليه.