والآية التي بعدها في الحقيقة دليل على نفي الشرك وبطلان عقيدة المشركين، إذ تقول: (وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة)(2).
فالخلق بيده، والتدبير والإختيار بيده أيضاً، وهو ذو الإرادة، وليس لأحد سواه أن يفعل ما يشاء، فكيف بالأصنام؟!
فاختيار الخلق بيده، والشفاعة بيده، وإرسال الرسل بيده أيضاً.
والخلاصة أنّ اختيار كل شيء متعلق بمشيئته وإرادته المقدسة، فعلى هذا لا يمكن للأصنام أن تعمل شيئاً، ولا حتى الملائكة والأنبياء، إلاّ أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى!
وعلى كل حال فإطلاق الإختيار دليل على عموميته.. بمعنى أن الله سبحانه صاحب الإختيار في الأُمور التكوينية والأُمور التشريعية أيضاً.. فجميعها يتعلقان به.
فمع هذه الحال، كيف يسلك هؤلاء طريق الشرك ويتجهون نحو غير الله؟ لذلك فإنّ الآية تنزه الله عن الشرك وتقول: (سبحان الله وتعالى عمّا يشركون).
وفي الرّوايات الواردة عن أهل البيت(ع) فُسرت الآية المتقدمة باختيار الأئمّة المعصومين من قبل الله سبحانه - وجملة (وما كان لهم الخيرة) أيضاً وردت في هذا المعنى، وهي في الواقع من قبيل بيان المصداق الواضح، لأنّ
مسألة حفظ الدين والمذهب واختيار القائد المعصوم لأجل هذا الهدف، لا تكون إلاّ من قِبَل الله تعالى(3).
﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ﴾ ما يشاء ﴿مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ ليس لأحد من خلقه أن يختار عليه بل له الخيرة عليهم لعلمه بالمصالح ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ عن إشراكهم الحامل لهم أن يختاروا عليه ما لا يختار، وفيه رد على من جعل الإمامة باختيار الخلق.