ثمّ يتحدث القرآن مرّة أُخرى عن سيرالمؤمنين ومناهجهم، ويقدم النصح لهم، فيقول: (من كان يرجوا لقاء الله) فعليه أن يعمل ما في وسعه على امتثال الأوامر الإلهية والاحكام الشرعية، لأنّ الوقت المعيّن سيأتي حتماً (فأنّ أجل الله لأت)(1).
أجل، إنّ وعد الله هذا لا يقبل التخلّف، هو طريق لابدّ من اجتيازه، ثمّ إنّ الله سبحانه يسمع أحاديثكم، وهو مطلع على أعمالكم ونيّاتكم... لأنّه (هو السميع العليم).
وفي معنى قوله تعالى: (لقاء الله) وما المقصود منه؟ فسّره بعض المفسّرين بملاقاة الملائكة، كما فسّره البعض بملاقاة الحساب والجزاء.. وبعض بملاقاة الحكم وأمر الحق.. وآخرون بأنّه كناية عن يوم القيامة.. في حين أنّه لا دليل على أن تفسّر هذه الآية بهذه المعاني المجازية.
وينبغي القول أن "لقاء الله" في يوم القيامة ليس لقاءاً حسيّاً بل نوعاً من الشهود الباطني، لأنّ الستائر الضخمة لعالم المادة تنكشف عن عين روح الإنسان، وتبدو في حالة الشهود للإنسان!
وكما يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: إنّ المقصود من لقاء الله، هو أنّ العباد يكونون في موقف لا يكون بينهم وبين الله حجاب، لأنّ طبيعة يوم القيامة هي ظهور الحقائق كما يقول القرآن: (ويعلمون أنّ الله هو الحقّ المبين)
(سورة النور الآية 25)(2).
﴿مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ﴾ يأمل الوصول إلى ثوابه أو يخاف العاقبة من الموت والبعث والجزاء ﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ﴾ الوقت الموقت للقائه ﴿لَآتٍ﴾ فليسارع إلى ما يوجب الثواب ويبعد من العقاب ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ﴾ للأقوال ﴿الْعَلِيمُ﴾ بالأفعال.