والقرآن يترك قصّة إبراهيم هنا مؤقتاً، ويكمل البحث الذي كان لدى إبراهيم في صدد التوحيد وبيان رسالته بدليل المعاد، فيقول: (أو لم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثمّ يعيده).
والمراد بالرؤية هنا هي الرؤية "القلبية" والعلم، أي كيف لا يعرف هؤلاء خلق الله؟ فالذي له القدرة على الإيجاد أولا قادر على إعادته أيضاً، فالقدرة على شيء ما هي قدرة على أمثاله وأشباهه أيضاً.
كمايأتي هذا الإحتمال، وهو أنّ الرؤية هنا هي الرؤية "البَصَيريّة" والمشاهدة بالعين... لأنّ الإنسان يرى بعينيه كيف تحيا الأرض وتنمو النباتات، وتتولد الدجاجة من البيض، والأطفال من النطف... فمن له القدرة على هذا الأمر قادر على أن يحيي الموتى من بعدُ أيضاً.
ويضيف في آخر الآية على سبيل التأكيد (إنّ ذلك على الله يسير).
لأنّ تجديد الحياة قبال الإيجاد الأوّل يُعدّ أمراً بسيطاً.
وطبيعي أنّ هذا التعبير يناسب منطق الناس وفهمهم، وإلاّ فإن اليسير والعسير لا مفهوم لهما عند من قدرته غير محدودة والمطلقة... فهذه قدراتنا التي أوجدت مثل هذا "المفهوم"، ومع الإلتفات إلى إنجازها... ظهرت لدينا أُمور يسيرة وأُخرى عسيرة.
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ بالياء والتاء ﴿كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ﴾ بضم أوله يبدأ ﴿الْخَلْقَ﴾ من العدم ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ كما أبدأه ﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾ المذكور من الإبداء والإعادة ﴿عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ إذا أراده كان.