وهكذا يغلق القرآن جميع أبواب الفرار بوجه هؤلاء المجرمين.. لذلك يقول في الآية التي بعدها بشكل قاطع: (والذين كفروا بآيات الله ولقائه أُولئك يئسوا من رحمتي)
ثمّ يضيف مؤكداً: (وأُولئك لهم عذاب أليم).
هذا "العذاب الأليم" هو لزم اليأس من رحمة الله.
والمراد بـ "ايات الله" إمّا هي "الآيات التكوينية" أي آثار عظمة الله في نظام خلقه وإيجاده، وفي هذه الصورة فهي إشارة إلى مسألة التوحيد، في حين أن كلمة "لقائه" إشارة إلى مسألة المعاد، أي إنّهم منكرون للمبدأ وللمعاد كليهما.
أو أنّ المراد من آيات الله هي "الآيات التشريعية" أي هي الآيات التي أنزلها الله على أنبيائه، التي تتحدث عن المبدأ وعن النبوة وعن المعاد، وفي هذه الحال يكون التعبير بـ "لقائه" من قبيل ذكر الخاص بعد العام.
كما يمكن أن يكون المقصود من آيات الله هي جميع الآيات في عالم الوجود والتشريع.
وينبغي ذكر هذه المسألة - أيضاً - وهي أن "يئسوا" فعل ماض والهدف منه هو الاستقبال - أي في يوم القيامة - والعرب عادةً إذا تحدثوا عن أمر مستقبلي بصورة التأكيد عبروا عنه بصيغة الماضي، للدلالة على تحققه قطعاً وحتماً.
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ دلائله أو كتبه ﴿وَلِقَائِهِ﴾ البعث ﴿أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي﴾ لإنكارهم البعث والجزاء أو يئسون منها يوم القيامة وعبر بالماضي لتحققه ﴿وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ مؤلم.