أمّا الآية التالية ففيها تهديد لهؤلاء المشركين الغفلة الجهلة.. إذ تقول: (إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء!) ولا يخفى على الله شركهم الظاهر ولا شركهم الخفي (وهو العزيز الحكيم) على الإطلاق!
وإذا أمهلهم، فليس بسبب العجز والضعف، أو عدم العلم، أو أن قدرته محدودة، بل كل ذلك من حكمته التي توجب أن يمنحوا الفرصة الكافية لتتم الحجة البالغة لله عليهم، فيهتدي من هو جدير بالهدى!.
قال بعض المفسّرين: إن هذه الجملة إشارة إلى حجج المشركين وإلى ادّعائهم أنّهم في عبادتهم للأصنام لا يريدون بها الأصنام ذاتها، بل إنّ الأصنام عندهم مظهر ورمز للنجوم السماوية والأنبياء والملائكة، فهم - كما يزعمون - يسجدون لأُولئك لا للأصنام وخيرهم وشرهم ونفعهم وضررهم بيدها أيضاً.
فالقرآن يبيّن أن الله يعلم الأشياء التي تدعونها - كائناً من كان، وأي شيء كان - فكل أُولئك المعبودين إزاء قدرته كمثل بيت العنكبوت، ولا يملكون لأنفسهم شيئاً كي يعطوه لكم.
، والآية الثّالثة - من الآيات محل البحث - لعلها تشير إلى ما استشكله أعداء الإسلام على النّبي(ص) في هذه الأمثلة التي ضربها الله، وكانوا يقولون: الله الذي خلق السماوات والأرض كيف يضرب الأمثال بالعنكبوت والذباب والحشرات وما شاكلها؟
﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ أي قل لهم إن الله ﴿يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ﴾ الذي تعبدونه ﴿مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ في سلطانه ﴿الْحَكِيمُ﴾ في صنعه.