لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
التفسير إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر: بعد الفراغ من بيان أقسام مختلفة من قصص الأُمم السابقة وأنبيائهم العظام وما عاملهم به قومهم من معاملة سيئة مذمومة، وبيان نهاية هؤلاء الظالمين الاليمة، يتوجه الخطاب - على سبيل تسلية الخاطر، وتقوية الروحية، وإراءة الخط الكلّي أو الخطوط العامة - للنبيّ(ص) ويأمره بما ينبغي عليه أن يفعل. فيبدأ أوّلا بقوله: (اتل ما أوحي إليك من الكتاب)... أي اقرأ هذه الآيات فسوف تجد فيها ما تبتغيه وتطلبه من العلم والحكمة والنصح، ومعيار معرفة الحق من الباطل، وسبل تنوير القلب والروح، ومسير حركة كل طائفة، أو مجموعة واتجاهها!. اقرأ.. وامض على نهجها في حياتك، اقرأها واستلهم منها... اقرأها ونوّر قلبك بتلاوتها. وبعد بيان هذا الأمر الذي يحمل - في الحقيقة - طابعاً تعليمياً، يأتي الأمرالثّاني الذي هو محور أصيل للتربية فيقول تعالى: (وأقم الصلاة). ثمّ يبيّن فلسفة الصلاة الكبرى فيقول: (إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)(1). طبيعة الصلاة - حيث أنّها تذكر بأقوى رادع للنفس، وهو الاعتقاد بالمبدأ والمعاد - فإنّها تردع عن الفحشاء والمنكر، فالإنسان الذي يقف للصلاة، ويكبّر، يرى الله أعلى من كل شيء وأسمى من كل شيء، ويتذكر نعمه فيحمده ويشكره، ويثني عليه وينعته بأنّه رحمان رحيم، ويذكر يوم الجزاء "يوم الدين" ويعترف بالعبودية له، ويطلب منه العون، ويستهديه الصراط المستقيم، ويتعوذ به من طريق المغضوب عليهم، ويلتجىء إليه (مضمون سورة الحمد). فلا شك أنّ قلب مثل هذا الإنسان وروحه سوف تدبّ فيها حركة نحو الحقّ، واندفاع نحو الطهارة، ونهوض نحو التقوى. يركع لله.. ويضع جبهته على الأرض ساجداً لحضرته، ويغرق في عظمته، وينسى أنانيته وذاتيّاته جميعاً. ويشهد بوحدانيته وبرسالة النّبي(ص). ويصلي ويسلم على نبيّه، ويرفع يديه متضرعاً بالدعاء ليجعله في زمرة عباده الصالحين. جميع هذه الأُمور تمنح وجوده موجاً من المعنوية، وتكون سداً منيعاً بوجه الذنوب. ويتكرر هذا العمل عدة مرّات "ليل نهار" فحين ينهض صباحاً يقف بين يدي ربّه وخالقه ليناجيه.. وعند منتصف النهار وبينما هو غارق في حياته المادية يفاجأ بصوت تكبير المؤذن، فيقطع عمله ويسرع إلى حضرته، بل في آخر النهار بداية الليل أيضاً وقبل أن يدلف إلى فراش الدعة والراحة، يدعوه ويطلب منه حاجته، ويجعل قلبه مركز أنواره. وبغض النظر عن كل ما تقدم فإنّ الإنسان حين يتهيأ لمقدمات الصلاة، يطهّر بدنه ويبعد عنه مسائل الحرام والغصب، ويتجه إلى الحبيب، فكلّ هذه الأُمور لها تأثير رادع لنوازع الفحشاء والمنكر. غاية ما في الأمر أنّ كل صلاة - بحسب شروط الكمال وروح العبادة لها - أثر رادع ناه عن الفحشاء والمنكر، فتارة تنهى نهياً كليّاً وأُخرى جزئياً.. ومحدوداً. ولا يمكن لأحد أن يصلي ولا تدع الصلاة فيه أثراً حتى لو كانت الصلاة صورية، وحتى لو كان ملوّثاً بالذنب! وبالطبع فإنّ مثل هذه الصلاة قليلة الفائدة ومثل هؤلاء الأفراد لو لم يصلّوا صلاةً كهذه لكانوا أسوأ ممّا هم عليه. ولنوضّح أكثر فنقول: النهي عن الفحشاء والمنكر له سلسلة درجات ومراتب كثيرة، وكل صلاة مع رعاية الشروط لها نسبة من هذه الدرجات. وممّا بيّناه آنفاً يتّضح أن تخبط بعض المفسّرين في تفسير هذه الآية، وانتخاب تفسيرات غير مناسبة لا وجه له! وربّما فسّروها بتفسير غير مناسب، لأنّهم رأوا بعض الناس يصلون ويرتكبون الذنوب، ففسّروا الآية في معناها المطلق دون سلسلة المراتب، وأخذوا يشكّون ويترددون، فاختاروا طرقاً أُخرى في تفسير الآية. فمنها ما قاله بعضهم: من أنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ما دام الإنسان مشغولا بها. وهذا كلام عجيب، إذ لا تتميز الصلاة بهذا وحدها، فكثير من الأعمال على هذه الشاكلة. وقال بعضهم: إنّ أعمال الصلاة وأذكارها بمثابة عبارات وجمل، كل جملة تنهى الإنسان عن الفحشاء والمنكر، فمثلا كل من التكبير والتهليل والتسبيح.. كلٌّ منها يقول للإنسان: لا تذنب ولكن هل أنّ هذا الإنسان يصغي لهذا النهي أم لا... فهذا أمر آخر. ولكن من ذهب إلى هذا التّفسير، غفل عن هذه الحقيقة، وهي أن النهي هنا ليس نهياً تشريعياً فحسب، بل هو نهي تكويني، فظاهر الآية أنّ الصلاة لها أثر ناه، والتّفسير الأصيل هو ما قدمناه ذكره وبيانه آنفاً. وبالطبع فلا مانع من القول أنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر نهياً تكوينياً ونهياً تشريعياً أيضاً. "أحاديث" ينبغي الإلتفاتُ إليها 1 - في حديث عن ا لنّبي الأكرم محمّد(ص) ورد أنّه قال: "من لم تنهَهُ صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلاّ بُعداً".(2) 2 - وفي حديث آخر عنه(ص) أيضاً: "لا صلاة لمن لم يطع الصلاة، وطاعة الصلاة أن ينتهي عن الفحشاء والمنكر" (3). 3 - كما نقرأ في حديث ثالث عنه(ص) أنّ شاباً من الأنصار أدّى الصلاة معه، ولكنّه كان ملوثاً بالذنوب القبيحة، فأخبروا النّبي(ص) فقال: "إن صلاته تنهاه يوماً" (4). 4 - هذا الأثر للصلاة له أهمية قصوى إلى درجة أنّنا نجده في الرّوايات الإسلامية معياراً لقبول الصلاة وعدمها، إذ ورد عن الإمام الصادق(ع) أنّه قال: "من أحبّ أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل، فلينظر هل منعت صلاته عن الفحشاء والمنكر؟! فبقدر ما منعته قبلت منه!"(5). ويقول القرآن تعقيباً على ما ذكره ومن شأن الصلاة (ولذكرُ الله أكبر). وظاهر الجملة هو بيان غاية وحكمة أُخرى في الصلاة، أي أن أثراً آخر من آثار الصلاة وبركاتها أهم من كونها تنهى عن الفحشاء والمنكر هو تذكير الإنسان بربّه، هذا الذكر هو أساس السعادة والخير، بل العامل الأصلي للنهي عن الفحشاء والمنكر أيضاً هو ذكر الله، وكونه أكبر لأنّه العلّة والأساس للصلاة!. وأساساً... فإنّ ذكر الله فيه حياة القلوب ودعتها، ولا شيء يبلغ مبلغه (ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب)(6). ولا ريب أنّ روح العبادة بجميع أقسامها - صلاة كانت أم غيرها - هو ذكر الله، فأذكار الصلاة، وأفعالها ومقدماتها، جميعها في الواقع تحيي ذكر الله في قلب الإنسان.! وممّا يلفت النظر أن في الآية (14) من سورة طه إشارة إلى هذه الحكمة الأساسية من الصلاة، إذ نلاحظ فيها الخطاب لموسى قائلا: (وأقم الصلاة لذكري). إلاّ أنّ المفسّرين الكبار ذكروا للجملة المتقدمة تفسيرات أُخرى، وقد ورد في الرّوايات الإسلامية إشارة إليها أيضاً... من ضمنها: إنّ المراد من الجملة المتقدمة، أن ذكر الله لكم برحمته أكبر من ذكركم لله بطاعته(7). ومنها: إنّ ذكر الله أكبر من الصلاة وأعلى، لأنّ روح كل عبادة "ذكر الله". وهذا التّفاسير التي ورد بعضها في الرّوايات الإسلامية، ربّما كانت إشارة إلى بطون الآية، وإلاّ فإنّ ظاهرها منسجم مع المعنى الأوّل، لأنّه في أغلب الموارد التي يرد التعبير فيها بـ "ذكر الله" أو "ذكروا الله" أو "اُذكروا اللّه"... الخ، يقصد بها ذكر الناس لله! والآية المذكورة آنفاً، يتداعى لها هذا المعنى، إلاّ أنّ ذكر الله لعباده يمكن أن يكون نتيجة مباشرة لذكر العباد لله، وبهذا يرتفع التضاد بين المعنيين. في حديث عن معاذ بن جبل أنّه قال: لا شيء من أعمال ابن آدم لنجاته من عذاب الله أكبر من ذكر الله، فسألوه: حتى الجهاد في سبيل الله؟! فقال: أجل، فالله يقول: (ولذكر الله أكبر). والظاهر أنّ "معاذ بن جبل" سمع هذا الكلام من رسول الله(ص): لأنّه نفسه ينقل إنّه سأل رسول اللّه (ص): أيّ الأعمال أفضل؟ فقال (ص): "أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله". وحيث أنّ نيّات الناس، وميزان حضور القلب منهم في الصلاة وسائر العبادات، كل ذلك متفاوت جدّاً، فإنّ الآية تختتم بالقول: (والله يعلم ما تصنعون). أي يعلم ما تصنعون من أعمال في الخفاء أو العلن، والنيّات التي في قلوبكم أو الكلمات التي تجري على ألسنتكم!. بحث تأثير الصلاة في تربية الفرد والمجتمع: بالرغم من أن فائدة الصلاة لا تخفى على أحد، لكن التدقيق في متون الروايات الإسلامية يدلنا على لطائف ودقائق أكثر في هذا المجال!. 1 - إنّ روح الصلاة وأساسها وهدفها ومقدمتها ونتيجتها... وأخيراً حكمتهاوفلسفتها(8)، هي ذكر الله، كما بيّنت في الآية على أنّها أكبر النتائج. وبالطبع فإنّ الذكر المراد هنا، هو الذكر الذي يكون مقدمة للفكر، والفكر الذي يكون باعثاً على العمل، كما ورد عن الإمام الصادق(ع) في تفسير جملة (ولذكر الله أكبر) قال: "ذكر الله عندما أحلّ وحرّم" أي على أن يتذكر الله فيتبع الحلال ويغضي أجفانه عن الحرام "بحار الأنوار، ج 82، ص 200". 2 - إنّ الصلاة وسيلة لغسل الذنوب والتطهر منها، وذريعة إلى مغفرة الله، لأنّ الصلاة - كيف ما كانت - تدعوا الإنسان إلى التوبة وإصلاح الماضي، ولذلك فإننا نقرأ في حديث عن النّبي الأكرم(ص) إذ سأل بعض أصحابه: "لو كان على باب دار أحدكم نهر واغتسل في كل يوم منه خمس مرات أكان يبقي في جسده من الدرن شيء؟! قلت لا، قال: فإنّ مثل الصلاة كمثل النهر الجاري كلما صلّى كفرت ما بينهما من الذنوب" (9). وعلى هذا فإنّ الجراح التي تخلفها الذنوب في روح الإنسان، وتكون غشاوة على قلبه، تلتئم بضماد الصلاة وينجلي بها صدأ القلوب! 3 - إنّ الصلوات سدّ أمام الذنوب المقبلة، لأنّ الصلاة تقوي روح الإيمان في الإنسان، وتربّي شجيرة التقوى في قلب الإنسان، ونحن نعرف أن الإيمان والتقوى هما أقوى سدّ أمام الذنوب، وهذا هو ما بيّنته الآية المتقدمة عنوان "النهي عن الفحشاء والمنكر"، وما نقرؤه في أحاديث متعددة من أن أفراداً كانوا مذنبين، فذكر حالهم لأئمّة الإسلام فقالوا: لا تكترثوا فإنّ الصلاة تصلح شأنهم... وقد أصلحتهم. 4 - إن الصلاة توقظ الإنسان من الغفلة، وأعظم مصيبة على السائرين في طريق الحقّ أن ينسوا الهدف من إيجادهم وخلقهم، ويغرقوا في الحياة المادية ولذائذها العابرة! إلاّ أنّ الصلاة بما أنّها تؤدى في أوقات مختلفة، وفي كل يوم وليلة خمس مرات، فإنّها تخطر الإنسان وتنذره، وتبيّن له الهدف من خلقه، وتنبهه إلى مكانته وموقعه في العالم بشكل رتيب، وهذه نعمة كبرى للإنسان بحيث أنّها في كل يوم وليلة تحثه وتقول له: كن يقظاً. 5 - إنّ الصلاة تحطّم الأنانية والكبر، لأنّ الإنسان في كل يوم وليلة يصلي سبع عشرة ركعة، وفي كل ركعة يضع جبهته على التراب تواضعاً لله، ويرى نفسه ذرة صغيرة أمام عظمة الخالق، بل يرى نفسه صفراً بالنسبة إلى ما لا نهاية له!. ولأمير المؤمنين علي(ع) كلام معروف تتجسد فيه، فلسفة العبادات الإسلامية بعد الإيمان بالله، فبيّن أوّل العبادات وهي الصلاة مقرونة بهذا الهدف إذ قال: "فرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك، والصلاة تنزيهاً عن الكبر" (10). 6 - الصلاة وسيلة لتربية الفضائل الخُلقية والتكامل المعنوي للإنسان، لأنّها تخرج الإنسان عن العالم المحدود وتدعوه إلى ملكوت السماوات، وتجعله مشاركاً للملائكة بصوته ودعائه وابتهاله، فيرى نفسه غير محتاج إلى واسطة إلى الله أو أن هناك "حاجباً" يمنعه... فيتحدث مع ربّه ويناجيه!. إن تكرار هذا العمل في اليوم والليلة - وبالإعتماد على صفات الله الرحمن الرحيم العظيم، خاصة بالاستعانة بسور القرآن المختلفة بعد سورة الحمد التي هي خير محفّز للصالحات، والطهارة - له الأثر في تربية الفضائل الخُلقية في وجود الإنسان! لذلك نقرأ في تعبير الإمام علي أمير المؤمنين(ع) عن حكمتها قوله: "الصلاة قربان كل تقيّ!" (11). 7 - إن الصلاة تعطي القيمة والروح لسائر أعمال الإنسان; لأنّ الصلاة توقظ في الإنسان روح الإخلاص... فهي مجموعة من النية الخالصة والكلام الطاهر "الطيب" والأعمال الخالصة... وتكرار هذه المجموعة في اليوم والليلة ينثر في روح الإنسان بذور سائر الأعمال الصالحة ويقوّي فيه روح الإخلاص. لذلك فإنّنا نقرأ في بعض ما روي عن أمير المؤمنين(ع) في ضمن وصاياه المعروفة بعد أن ضربه ابن ملجم بالسيف ففلق هامته، أنّه قال: "الله الله في صلاتكم فإنها عمود دينكم" (12). ونعرف أنّ عمود الخيمة إذا انكسر أو هوى، فلا أثر للأوتاد والطنب مهما كانت محكمة... فكذلك إرتباط عباد الله به عن طريق الصلاة، فلو ذهبت لم يبق لأي عمل آخر أثر. ونقرأ عن الإمام الصادق(ع) قوله: "أوّل ما يحاسب به العبد الصلاة، فإن قبلت قبل سائر عمله، وإن ردّت ردّ سائر عمله!". ولعل الدليل على هذا الحديث هو أن الصلاة رمزٌ للعلاقة والإرتباط بين الخالق والمخلوق! فإذا ما أدّيت بشكل صحيح، وكان فيها قصد القربة والإخلاص "حيّاً" كان وسيلة القبول لسائر الأعمال، وإلاّ فإنّ بقية أعماله تكون مشوبة وملوّثة وساقطةً من درجة الاعتبار. 8 - إنّ الصلاة - بقطع النظر - عن محتواها، ومع الإلتفات إلى شرائط صحتها، فإنّها تدعوا إلى تطهير الحياة! لأنّنا نعلم أن مكان المصلي، ولباس المصلي، وبساطه الذي يصلي عليه، والماء الذي يتوضأ به أو يغتسل منه، والمكان الذي يتطهر فيه "وضوء أو غسلا" ينبغي أن يكون طاهراً من كل أنواع الغصب والتجاوز على حقوق الآخرين. فإنّ من كان ملوّثاً بالظلم والغصب والبخس في الميزان والبيع وآكلا للرشوة ويكتسب أمواله من الحرام... كيف يمكن له أن يهيء مقدمات الصلاة!؟ فعلى هذا فإنّ تكرار الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة - هو نفسه - دعوة إلى رعاية حقوق الآخرين! 9 - إنّ للصلاة - بالإضافة إلى شرائط صحتها - شرائط لقبولها، أو بتعبير آخر: شرائط لكمالها، ورعايتها - أيضاً - عامل مؤثر ومهم لترك كثير من الذنوب!. وقد ورد في كتب الفقه ومصادر الحديث روايات كثيرة تحت عنوان موانع قبول الصلاة، ومنها "شرب الخمر" إذ جاء في بعض الرّوايات: لا تقبل صلاة شارب الخمر أربعين يوماً إلاّ أن يتوب (13). كما نقرأ في روايات متعددة أنّ من جملة "من لا تقبل صلاته "الإمام الظالم" (14). كما صُرّح في بعض الرّوايات بأنّ الصلاة لا تُقبل من "مانع الزكاة". كما أنّ هناك بعض الرّوايات تقول: "إنّ الصلاة لا تقبل ممن يأكل السحت والحرام، ولا ممن يأخذه العجب والغرور" وهكذا تتّضح الحكمة والفائدة الكبيرة من وجود هذه الشروط. 10 - إنّ الصلاة تقوي في الإنسان روح الإنضباط والإلتزام، لأنّها ينبغي أن تؤدى في أوقات معينة، لأنّ تأخيرها عن وقتها أو تقديمها عليه موجب لبطلانها. وكذلك الآداب والأحكام الأُخرى في موارد النية والقيام والركوع والسجود وما شابهها، إذ أن رعايتها تجعل الإستجابة للإلتزام في مناهج الحياة ممكناً وسهلا. كل هذه من فوائد الصلاة - بغض النظر عن صلاة الجماعة - وإذا أضفنا إليها خصوصية الجماعة، حيث أنّ روح الصلاة هي الجماعة، ففيها بركات لا تحصى ولا تعدّ، ولا مجال هنا لشرحها وبيانها، مضافاً إلى أن الجميع يدرك خيراتها وفوائدها على الإجمال. ونختم كلامنا في مجال حكمة الصلاة وفلسفتها وأسرارها بحديث جامع منقول عن الإمام الرضا(ع) إذ سئل عنها فأجاب بما يلي: "إن علة الصلاة أنّها إقرار بالربوبيةلله عزّوجلّ، وخلع الأنداد، وقيام بين يدي الجبار جل جلاله بالذل والمسكنة والخضوع والاعتراف، والطلب للإقالة من سالف الذنوب، ووضع الوجه على الأرض كل يوم إعظاماً لله عزّوجلّ، وأن يكون ذاكراً غير ناس ولا بطر، ويكون خاشعاً متذللا، راغباً طالباً للزيادة في الدين والدنيا مع ما فيه من الإيجاب والمداومة على ذكر الله عزّوجلّ بالليل والنهار، لئلا ينسى العبد سيده ومديره وخالقه فيبطر ويطغى، ويكون في ذكره لربّه وقيامه بين يديه زاجراً له عن المعاصي ومانعاً له عن أنواع الفساد".(15) ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ لنفسك وعلى الناس ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ﴾ بشروطها ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾ بكونها سببا للانتهاء عن المعاصي لتذكيرها الله وإيراثها في القلب خوفه ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ﴾ إياكم برحمته ﴿أَكْبَرُ﴾ من ذكركم إياه بطاعته أو الصلاة أكبر من سائر الطاعات ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ من خير وشر فيجازيكم.