(وأمّا الذين كفرا بآياتنا ولقاء الآخرة فأُولئك في العذاب محضرون).
الطريف هنا أنّه في شأن أهل الجنّة استعملت كلمة "يُحبرون" وتدلّ على منتهى الرضا من جميع الجوانب لدى أهل الجنّة.. ولكن استعملت كلمة "محضرون" في أهل النّار، وهي دليل على منتهى الكراهة وعدم الرضا لما يتلقونه ويستقبلونه، لأنّ الإحضار يطلق في موارد تكون على خلاف الرغبات الباطنيّة للإنسان.
اللطيفة الأُخرى أن أهل الجنّة ذكروا بقيدالإيمان والعمل الصالح، ولكن أهل النّار اكتفي من ذكرهم بعدم الإيمان "إنكار المبدأ والمعاد".
وهي إشارة أن ورود الجنّة - لابد له من الإيمان والعمل الصالح - فلا يكفي الإيمان وحده، ولكن يكفي لدخول النّار عدم الإيمان - وإن لم يصدر من ذلك "الكافر" ذنب - لأنّ الكفر نفسه أعظم ذنب!.
ملاحظة
لم كان أحد أسماء القيامة "الساعة"؟!
ينبغي الإلتفات إلى هذه المسألة الدقيقة... وهي أنّه في كثير من آيات القرآن، ومن ضمنها الآيتان من الآيات محل البحث، عبر عن قيام "القيامة" بقيام"الساعة" وذلك لأنّ "الساعة" في الأصل جزء من الزمان، أو لحظات عابرة، وحيث أنّه من جهة تكون القيامة بصورة مفاجئة وكالبرق الخاطف، ومن جهة أُخرى بمقتضى أن الله سريع الحساب فإنه ينهي حساب عباده بسرعة، فقد استعمل هذا التعبير في شأن يوم القيامة ليفكر الناس بيوم القيامة ويكونوا على "أهبة الإستعداد".
يقول "ابن منظور" في "لسان العرب" اسم للوقت الذي تصعق فيه العباد والوقت الذي يبعثون فيه وتقوم فيه القيامة، سمّيت ساعة لأنّها تفاجيء الناس في ساعة فيموت الخلق كلّهم عند الصيحة الاُولى التي ذكرها الله عزّوجلّ فقال: (إن كانت إلاّ صيحة واحدة فإذا خامدون)(4).. وأشار إلى الثّانية بقوله: (إن كانت إلاّ صيحة واحدة فإذا هم من الاجداث إلى ربّهم ينسلون)(5).
وينقل "الزبيدي" في "تاج العروس" عن بعضهم أن الساعة ثلاث "ساعات":
فساعة كبرى: وهي يوم القيامة، وإحياء الموتى للحساب.
وساعة وسطى: وهي يوم الموت الفجائي لأهل زمان واحد "بالعذاب والعقوبة الإلهية للإستيصال".
وساعة صغرى: وهي يوم الموت الطبيعي لكل إنسان.
(وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون) لا يفارقونه .