والقرآن في الآية الأُخرى يصوغ الكلام في صيغة الإِستفهام المقرون بالتوبيخ فيقول: (أم أنزلنا عليهم سلطاناً فهو يتكلم بما كانوا به يشركون).
"أم" هنا للإستفهام، ويحمل الإِستفهام هنا غرضاً استنكارياً وتوبيخاً... أي إن سلوك هذا الطريق والخطة يجب أن يكون إمّا لنداء الفطرة، أو بحكم العقل، أو بأمر الله، لكن حين يصرخ الوجدان والفطرة في الشدائد والملمات بالتوحيد.... فإن العقل يقول أيضاً: ينبغي التوجه نحو واهب النعم.
يبقى أن حكمَ الله في هذه الآية هو في مورد النفي، أي: لم يؤمروا من قِبل الله بمثل هذا الأمر، فعلى هذا فإن هؤلاء في اعتقادهم هذا لم يستندوا إلى أي أصل مقبول!.
و "السلطان" معناه ما يدل على السلطة وينتهي إلى الإِنتصار عادةً، ومعناه هنا هو الدليل المحكم المقنع.
والتعبير بـ "يتكلم" هو نوع من التعبير المجازي، إذ ترانا نعبر عند وضوح الدليل قائلين "كأن هذا الدليل يتكلم مع الإِنسان"!
واحتمل بعض المفسّرين أن المراد بالسلطان هنا هو أحد الملائكة المقتدرين، فيكون استعمال "يتكلم" هنا على نحو الحقيقة، أي لم نرسل عليهم ملكاً يتكلم بالشرك فيتبعوه!.
إلاّ أنّ التّفسير الأوّل أوضح كما يبدو!
(أم) بل (أنزلنا عليهم سلطانا) حجة (فهو يتكلم) تكلم دلالة (بما كانوا به يشركون) بإشراكهم وصحته .