ولذلك فإنّها تقول بعد ذكر الحروف المقطّعة: (تلك أيات الكتاب الحكيم).
(تلك) في لغة العرب إشارة للبعيد، وقلنا مراراً أنّ هذا التعبير بالخصوص كناية عن عظمة وأهميّة هذه الآيات، وكأنّها في أعالي السماء وفي نقطة بعيدة المنال.
إنّ وصف "الكتاب" بـ "الحكيم" إمّا لقوّة ومتانة محتواه، لأنّ الباطل لا يجد إليه طريقاً وسبيلا، ويطرد عن نفسه كلّ نوع من الخرافات والأساطير، ولا يقول إلاّ الحقّ، ولا يدعو إلاّ إليه، وهذا التعبير في مقابل (لهو الحديث) الذي يأتي في الآيات التالية تماماً.
أو بمعنى أنّ القرآن كالعالم الحكيم الذي يتكلّم بألف لسان في الوقت الذي هو صامت لا ينطق، فيعلّم، ويعظ وينصح، ويرغّب ويرهّب، ويحذّر ويتوعّد، ويبيّن القصص ذات العبرة، وخلاصة القول فإنّه حكيم بكلّ معنى الكلمة.
ولهذه البداية علاقة مباشرة بكلام لقمان الحكيم الذي ورد البحث فيه في هذه السورة.
ولا مانع - طبعاً - من أن يكون المعنيان مرادين في الآية أعلاه.
﴿الم تِلْكَ﴾ الآيات ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴾ المحكم أو ذي الحكمة.