وتقول الآية الأخيرة، كإستخلاص نتيجة جامعة كليّة (ذلك بأنّ الله هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه الباطل وأنّ الله هو العليّ الكبير)(4).
إنّ مجموع البحوث التي وردت في الآيات السابقة حول كون الله خالقاً ومالكاً، وعن علمه وقدرته اللامتناهيين، أثبتت هذه الاُمور، وأنّ الحقّ هو الله وحده، وكلّ شيء غيره زائل وباطل ومحدود ومحتاج، والعلي والكبير الذي يسمو على كلّ شيء، ويجلّ عن كلّ وصف، هو ذاته المقدّسة، وعلى قول الشاعر:
ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل وكلّ نعيم لا محالة زائل
ويمكن إيضاح هذا الكلام بالتعبير الفلسفي كما يلي:
إنّ الحقّ إشارة إلى الوجود الحقيقي الثابت، وفي هذا العالم فإنّ الوجود الحقيقي القائم بذاته والثابت المستقرّ الخالد هو الله فقط، وكلّ ما عداه لا وجود له بذاته وهو عين البطلان، حيث إنّه يستمدّ وجوده عن طريق الإرتباط بذلك الوجود الحقّ الدائم، فإذا إنقطع الفيض عنه لحظة فإنّه سيفنى ويُمحى في ظلمات الفناء والعدم، وبهذا فإنّه كلّما قوي إرتباط الموجودات الاُخرى بوجود الله تعالى فإنّها تكتسب بتلك النسبة حقّاً أكبر.
وعلى كلّ حال، وكما قلنا سابقاً، فإنّ هذه الآيات مجموعة من عشر صفات من صفات الله تعالى، وعشرة أسماء من أسمائه، وتشتمل على أدلّة قويّة - لا يمكن إنكارها - وعلى بطلان كلّ أنواع الشرك، ولزوم التوحيد في كلّ مراحل العبودية.
﴿ذَلِكَ﴾ المذكور من قدرته ﴿بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾ بسبب أنه الثابت ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ﴾الزائل ﴿وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ﴾ على كل شيء ﴿الْكَبِيرُ﴾ عن أن يعد له شيء.