وتبيّن الآية التالية عدم المساواة هذه بصورة أوسع وأكثر تفصيلا، فتقول: (أمّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنّات المأوى(9)) ثمّ تضيف الآية بأنّ هذه الجنّات قد أعدّها الله تعالى لإستقبالهم في مقابل أعمالهم الصالحة: (نزلا بما كانوا يعملون).
إنّ التعبير بـ "نزلا"، والذي يقال عادةً للشيء الذي يهيّئونه لإستقبال وإكرام الضيف، إشارة لطيفة إلى أنّ المؤمنين يُستقبلون ويُخدمون دائماً كما هو حال الضيف، في حين أنّ الجهنّميين - كما سيأتي في الآية الآتية - كالسجناء الذين يأملون الخروج منها في كلّ حين، ثمّ يعادون فيها!
وما ورد في الآية (102) من سورة الكهف: (إنّا أعتدنا جهنّم للكافرين نزلا)فانّه من قبيل (فبشّرهم بعذاب أليم) وهو كناية عن أنّه يُعاقب ويعذّب هؤلاء بدل إكرامهم، ويهدّدون مكان بشارتهم.
ويعتقد البعض أنّ "النزل" أوّل شيء يستقبل به الضيف الوارد لتوّه - كالشاي والعصير في زماننا - وبناءً على هذا فإنّه إشارة لطيفة إلى أنّ جنّات المأوى بتمام نعمها وبركاتها هي أوّل ما يستقبل به ضيوف الرحمن، ثمّ تتبعها المواهب في بركات اُخرى لا يعلمها إلاّ الله سبحانه.
والتعبير بـ (لهم جنّات) لعلّه إشارة إلى أنّ الله سبحانه لا يعطيهم بساتين الجنّة عارية، بل يملّكهم إيّاها إلى الأبد، بحيث لا يعكّر هدوء فكرهم إحتمال زوال هذه النعم مطلقاً.
﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى﴾ يأوون إليها أو هي نوع من الجنان ﴿نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.