وتشير الآية التالية إلى ضعف إيمان هذه الفئة، فتقول: إنّ هؤلاء بلغ بهم ضعف الإيمان إلى درجة أنّ جيش الكفر لو دخل المدينة من كلّ جانب وصوب، واستولى عليها، ثمّ دعاهم إلى الشرك والكفر فسوف يقبلون ذلك ويسارعون إليه: (ولو دخلت علهيم من أقطارها ثمّ سئلوا الفتنة لأتوها وما تلبّثوا بها إلاّ يسيراً).
من المعلوم أنّ اُناساً بهذا الضعف والتزلزل وعدم الثبات غير مستعدّين للقاء العدوّ ومحاربته، ولا هم متأهّبون لتقبّل الشهادة في سبيل الله، بل يستسلمون بسرعة ويغيّرون مسيرهم، وبناءً على هذا، فإنّ المراد من كلمة "الفتنة" هنا هي الشرك والكفر، كما جاء في آيات القرآن الاُخرى، كالآية (193) من سورة البقرة: غير أنّ بعض المفسرين احتملوا أن يكون المراد من "الفتنة" هنا: الحرب ضدّ المسلمين، بحيث إنّها لو عرضت على هؤلاء المنافقين لأجابوا إليها بسرعة، ويعينوا أصحاب الفتنة! إلاّ أنّ هذا التّفسير لا يتلاءم مع ظاهر جملة: (ولو دخلت عليهم من أقطارها) وربّما إختار أكثر المفسّرين المعنى الأوّل لهذا السبب.
﴿وَلَوْ دُخِلَتْ﴾ المدينة أو بيوتهم ﴿عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا﴾ نواحيها أي لو دخلها هؤلاء العساكر أو غيرهم بنهب وسبي ﴿ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ﴾ الشرك وقتال المسلمين ﴿لَآتَوْهَا﴾ لأعطوها ﴿وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا﴾ بالفتنة أو المدينة ﴿إِلَّا﴾ زمانا ﴿يَسِيرًا﴾.