ثمّ يستدعي القرآن الكريم فئة المنافقين إلى المحاكمة، فيقول: (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤولا) وعليه فإنّهم مسؤولون أمام تعهّدهم.
وقال البعض: أنّ المراد من هذا العهد والميثاق هو ذلك العهد الذي عاهد "بنو حارثة" عليه الله ورسوله يوم اُحد حينما قرّروا الرجوع عن ميدان القتال ثمّ ندموا بعد ذلك، فقطعوا العهد على أنفسهم أن لا يرتكبوا مثل هذه الاُمور، إلاّ أنّهم فكّروا مرّة ثانية في معركة الأحزاب في نقض عهدهم وميثاقهم(4).
ويعتقد البعض أنّه إشارة إلى العهد الذي عاهدوا به رسول الله (ص) في غزوة بدر، أو في العقبة قبل هجرة النّبي(5).
ولكن يبدو أنّ للآية أعلاه مفهوماً واسعاً يشمل هذه العهود والمواثيق، وكلّ عهودهم الاُخرى.
إنّ كلّ من يؤمن ويبايع النّبي (ص) يعاهده على أن يدافع عن الإسلام والقرآن ولو كلّفه ذلك حياته.
والتأكيد على العهد والميثاق هنا من أجل أنّه حتّى عرب الجاهلية كانوا يحترمون مسألة العهد، فكيف يمكن أن ينقض إنسان عهده ويضعه تحت قدميه بعد إدّعائه الإسلام؟
﴿وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ﴾ عند فرارهم بأحد أن لا يفروا ﴿وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولًا﴾ عن الوفاء به.