يقول تعالى: (قل لا تسألون عمّا أجرمنا ولا نُسأل عمّا تعملون).
والعجيب هنا أنّ الرّسول (ص) مأمور بإستعمال تعبير "جرم" فيما يخصّه، وتعبير "أعمال" فيما يخصّ الطرف الآخر، وبذا تتّضح حقيقة أنّ كلّ شخص مسؤول أن يعطي تفسيراً لأعماله وأفعاله، لأنّ نتائج أعمال أي إنسان تعود عليه، حسنها وقبيحها، وفي الضمن إشارة لطيفة إلى إنّنا إنّما نصرّ على إرشادكم وهدايتكم، لا لأنّ ذنوبكم تقيّد في حسابنا، ولا لأنّ شرّكم يضرّ بنا، نحن نصرّ على ذلك بدافع الغيرة عليكم وطلباً للحقّ.
الآية التالية - في الحقيقة - توضيح لنتيجة الآيتين السابقتين، فبعد أن نبّه إلى أنّ أحد الفريقين على الحقّ والآخر على الباطل، وإلى أنّ كلاًّ منهما مسؤول عن أعماله، إنتقل إلى توضيح كيفية التحقّق من وضع الجميع، والتفريق بين الحقّ والباطل ومجازاة كلّ فريق طبق مسؤوليته، فيقول تعالى، قل لهم بأنّ الله سوف يجمعنا في يوم البعث، ويحكم بيننا بالحقّ، ويفصل بعضنا عن بعض، حتّى يعرف المهتدون من الضالّين، ويبلغ كلّ فريق بنتائج أعماله.
﴿قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ فيه زيادة إنصاف.