الآية التي بعدها، تعرض وضع هؤلاء بعد أن أخذهم العذاب الإلهي تقول الآية الكريمة (وقالوا آمنا به)(3) ولكن (أنّى لهم التناوش من مكان بعيد).
نعم فبحلول الموت وعذاب الإستئصال اُغلقت أبواب العودة كليّاً، وحيل كالسدّ المحكم بين الإنسان وبين أن يكفّر عن ذنوبه، لذا فإنّ إظهار الإيمان في ذلك الحين، كأنّه كائن من مكان بعيد، وهو إيمان إضطراري بسبب الخوف الشديد من العذاب الذي يعاين هناك، مثل ذلك الإيمان أصلا لا قيمة له، لذا فإنّ الآية (رقم 28) من سورة الأنعام تعبّر عنهم قائلة: (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون).
"التناوش" من مادّة "نوش" - على زنة خوف - بمعنى التناول، وبعضهم إعتبروا أنّها بمعنى "التناول بسهولة" أي كيف يتناولون الإيمان من مكان بعيد ولم يكونوا يتناولونه من قريب؟
﴿وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ﴾ بمحمد أو القرآن ﴿وَأَنَّى﴾ ومن أين ﴿لَهُمُ التَّنَاوُشُ﴾ تناول الإيمان بسهولة ﴿مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ فإنه في دار التكليف وهم في دار الآخرة.