ثمّ دعت الآية جميع الأنبياء وأتباعهم إلى توحيد الله وإلتزام تقواه (وإنّ هذه اُمّتكم اُمّة واحدة) فالإختلافات الموجودة بينكم، وكذلك بين أنبيائكم ليست دليلا على التعدّدية إطلاقاً.
(وأنا ربّكم فاتّقون).
فنحن بين يدي دعوة واعية إلى وحدة الجماعة والقضاء على ما يثير التفرقة، ليعيش الناس اُمّة واحدة، كما أنّ الله ربّهم واحد أحد.
ولهذا يجب أن ينتهج الناس ما نهجه الأنبياء (عليهم السلام) إذ دعوا إلى اتّباع تعاليم موحّدة، ذات أساس واحد في كلّ مكان "توحيد الله ومعرفة الحقّ، الإهتمام بالمعاد والتكامل في الحياة، والإستفادة من الطيّبات والقيام بالأعمال الصالحة.
والدفاع عن العدل والمبادىء الإنسانيّة".
ويرى بعض المفسّرين أنّ كلمة "اُمّة" تعني هنا الدين والعقيدة.
وليس المجتمع.
إلاّ أنّ ضمير الجمع في جملة (أنا ربّكم) دليل على أنّ (الاُمّة) تعني الناس جميعاً.
وقد وردت كلمة "الاُمّة" في القرآن المجيد بمعنى "الجماعة" غالباً، وندر ورودها بمعنى "الدين" مثل (إنّا وجدنا آباءنا على اُمّة وإنّا على آثارهم مقتدون)(8).
وممّا يلفت النظر أنّ هذا المعنى تضمنّته الآية 92 من سورة الأنبياء مع فارق بسيط (إنّ هذه اُمّتكم اُمّة واحدة وأنا ربّكم فاعبدون).
في وقت شرحت الآيات السابقة لهذه الآية حياة كثير من الأنبياء، و "هذه" في الحقيقة إشارة إلى اُمم الأنبياء السابقين، الذين كانوا يشكّلون اُمّة واحدة بحسب التعاليم الإلهيّة، حيث تحرّكوا جميعاً لتحقيق هدف واحد.
﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ أي ملة الإسلام ملتكم حال كونها ملة مجتمعة أو ملل الأنبياء ملتكم ملة متخذة في أصول الشرائع أو هذه جماعتكم جماعة متفقة على التوحيد ﴿وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ في التفرق في الدين.