وفي ثالث إستدلال له ينتقل إلى الحديث عن الأصنام وإثبات العبودية لله بنفي العبودية للأصنام، فيكمل قائلا: (أأتّخذ من دونه آلهةً إن يُردن الرحمن بضرٍّ لا تغن عنّي شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون).
هنا أيضاً يتحدّث عن نفسه حتّى لا يظهر من حديثه أنّه يقصد الإمرة والإستعلاء عليهم، وفي الحقيقة هو يحدّد الذريعة الأساس لعبدة الأوثان حينما يقولون: نحن نعبد الأصنام لكي تكون شفيعاً لنا أمام الله، فكأنّه يقول: أيّة شفاعة؟ وأي معونة ونجاة تريدون منها؟ فهي بذاتها محتاجة إلى مساعدتكم وحمايتكم، فماذا يمكنها أن تفعل لكم في الشدائد والملمّات؟
التعبير بـ "الرحمن" هنا علاوة على أنّه إشارة إلى سعة رحمة الله وأنّه سبب لكلّ النعم والمواهب، وذلك بحدّ ذاته دليل على توحيد العبادة، فإنّه يوضّح أنّ الله الرحمن لا يريد أحداً بضرٍّ، إلاّ إذا أوصلت الإنسان مخالفاته إلى أن يخرج من رحمة الله ويلقي بنفسه في وادي غضبه.
﴿أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ﴾ التي زعموها ﴿شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ﴾ من ذلك الضر.