لذا فإنّ الله سبحانه وتعالى يأمر الرّسول (ص) بأن يقول لهذا المغرور الأحمق الناسي (قل يحييها الذي أنشأها أوّل مرّة).
فإذا كان بين يديك اليوم بقيّة من العظام المتفسّخة تذكّرك به، فقد مرّ يوم لم تكن فيه شيئاً ولا حتّى تراباً، نعم، أفليس سهلا على من خلقك من العدم أن يعيد الحياة إلى العظام المهترئة؟!
وإذا كنت تعتقد بأنّ هذه العظام بعد تفسّخها تصبح تراباً وتنتشر في الأصقاع، فمن يستطيع عند ذلك أن يجمع تلك الأجزاء المبعثرة من نقاط إنتشارها؟ فإنّ الجواب على ذلك أيضاً واضح: (وهو بكلّ خلق عليم).
فمن كان له مثل هذا (العلم) وهذه (القدرة) فإنّ مسألة المعاد وإحياء الموتى لا تشكّل بالنسبة إليه أيّة مشكلة. فنحن نستطيع بقطعة من "المغناطيس" جمع برادة الحديد المبثوثة في كميّة من التراب وفي لحظات، والله العالم القادر يستطيع كذلك بأمر واحد أن يجمع ذرّات بدن الإنسان من كلّ موضع كانت فيه من الكرة الأرضية. فهو العالم ليس بخلق الإنسان فقط، بل هو العالم بنواياه وأعماله أيضاً،
المحيط بكلّ شيء علماً وهو على كلّ شيء قدير وعليه فإنّ الحساب على الأعمال والنوايا والإعتقادات المضمرة لا يشكل له.
وعليه فإنّ الحساب على الأعمال والنوايا والإعتقادات المضمرة لا يشكّل له تعالى أدنى مشكلة أيضاً، فكما ورد في الآية (284) من سورة البقرة: (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله).
وكذلك حينما أظهر فرعون شكّاً في قدرة الله على المعاد وإحياء القرون السابقة، أجابه موسى (ع): (قال علمها عند ربّي في كتاب لا يضلّ ربّي ولا ينسى).(3)
﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ فإنه على إعادتها أقدر ﴿وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ﴾ مخلوق ﴿عَلِيمٌ﴾ فيعلم تفاصيله وأجزاءه المتفرقة في البقاع والسبأع وغيرها فيجمع الأجزاء الأصلية للآكل والمأكول.