(وقالوا إنّ هذا إلاّ سحر مبين).
قولهم "هذا" المقصود منه تحقير المعجزات والآيات الإلهية والإنتقاص منها، وإطلاقهم كلمة "سحر" على تلك المعجزات لكونها من جهة أعمالا خارقة للعادة، ولا يمكن نكرانها. ومن جهة اُخرى فإنّهم لم يكونوا راغبين للإستسلام لتلك المعاجز، وكلمة السحر كانت الكلمة الوحيدة التي تعكس خبثهم وترضي أهواءهم النفسية، وتوضّح في نفس الوقت إعترافهم بالتأثير الكبير للقرآن ولمعجزات النّبي الأكرم محمّد (ص).
ملاحظتان
1- يعتقد بعض المفسّرين أنّ عبارة "يستسخرون" تعني "يسخرون"، ولا يوجد أي فرق بين العبارتين. في حين يؤكّد البعض الآخر على وجود إختلاف بين المعنيين، بقولهم: إنّ "يستسخرون" جاءت من باب إستفعال، وتعني دعوة الآخرين إلى المشاركة في الإستهزاء، وتشير إلى أنّهم لم يكتفوا لوحدهم بالإستهزاء بآيات القرآن المجيد، وإنّما سعوا لإشراك الآخرين في ذلك، كي تصير المسألة عامّة في المجتمع.
والبعض يعتبر هذا الإختلاف توكيد أكثر يستفاد من عبارة (يستسخرون).
فيما فسّر البعض الآخر هذه العبارة بأنّها "الإعتقاد بكون الشيء مثيراً للسخرية"، ويعني أنّهم نتيجة إنحرافهم الشديد كانوا في قرارة أنفسهم يعتقدون- تماماً- أنّ هذه المعجزات ليست أكثر من سخرية، ولكن المعنى الثاني يعدّ أكثر مناسباً من غيره.
2- عزا بعض المفسّرين سبب نزول هذه الآية إلى قضيّة مفادها أنّ "ركانة" رجل من المشركين من أهل مكّة، لقيه الرّسول الأكرم (ص) في جبل خال يرعى غنماً له، وكان من أقوى الناس، فقال له: ياركانة أرأيت إنّ صرعتك أتؤمن بي؟
قال: نعم. فصرعه ثلاثاً، ثمّ عرض عليه بعض الآيات ودعا عليه الصلاة والسلام شجرة فأقبلت، فلم يؤمن وجاء إلى مكّة فقال: "يابني هاشم ساحروا بصاحبكم أهل الأرض". فنزلت فيه وفي أضرابه هذه الآية.
﴿وَقَالُوا﴾ فيها ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ بين.