لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
فنحن أضللناكم كما كنّا نحن أنفسنا ضالّين (فأغويناكم إنّا كنّا غاوين). بناء على ذلك ما الذي يثير العجب في أن نكون جميعاً شركاء في هذه المصائب وهذا العذاب؟ ملاحظتان 1- السؤال أيضاً عن ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): بالشكل الذي أشرنا إليه سابقاً، فإنّ روايات عديدة وردت في مصادر الشيعة وأهل السنّة بشأن تفسير هذه الآية (وقفوهم إنّهم مسؤولون) تبيّن أنّ من جملة القضايا التي يسأل عنها المجرمون يوم القيامة هو ما يتعلّق بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع). فالشيخ "الطوسي" نقل في كتابه (الأمالي) عن أنس بن مالك عن رسول الله(ص): "إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنّم لم يجز عليه إلاّ من معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب، وذلك قوله تعالى: (وقفوهم إنّهم مسؤولون)يعني عن ولاية علي بن أبي طالب (ع)"(4). كما أكّد الكثير من كتب أهل السنّة على أنّ تفسير هذه الآية يخصّ السؤال بشأن ولاية علي بن أبي طالب (ع)، وقد نقل هذه الرواية ابن عبّاس وأبي سعيد الخدري عن رسول الله (ص)، كما نقلها رواة آخرون منهم: ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة- الصفحة 147. عبدالرزاق الحنبلي في كشف الغمّة- الصفحة 92. العلاّمة سبط ابن الجوزي في التذكرة- الصفحة 21. الآلوسي في روح المعاني في نهاية هذه الآية. أبو نعيم الأصفهاني في كفاية الخصال- الصفحة 360، وغيرهم من الرواة(5). وبالطبع، وكما قلنا مراراً، فإنّ مثل هذه الروايات لا تحدّ من المفهوم الواسع للآيات، بل تعكس- في الحقيقة- مصاديقها الواضحة، بناءً على ذلك فإنّه ليس هناك أي مانع من أن يسأل عن جميع العقائد، لكن بما أنّ للولاية موقعاً خاصّاً في بحث العقائد فقد إستند عليها. وهناك نقطة جديرة بالإهتمام، وهي أنّ الولاية لا تعني علاقة عادية أو إعتقاداً جافّاً، وإنّما الهدف هو قبول قيادة الإمام علي (ع) في المسائل العقائدية والعلمية والأخلاقية والإجتماعية بعد النّبي الأكرم (ص). وقد عكست خطب أمير المؤمنين (ع) وكلماته في نهج البلاغة نماذج من تلك المسائل .. المسائل التي يعدّ الإيمان بها والعمل على أساسها وسيلة مؤثّرة للخروج من صفّ أهل جهنّم والإستقرار على صراط الله المستقيم. 2- المتبوعون والتابعون الضالّون: الآيات المذكورة أعلاه وآيات اُخرى في القرآن الكريم، تضمّنت إشارات ذات مغزى عن التخاصم الذي يقع بين الأتباع والمتبوعين يوم القيامة أو في جهنّم وهذا تحذير مفيد لكلّ من يضع عقله ودينه تحت تصرّف أئمّة الضلال. ومع أنّ كلّ واحد يسعى في ذلك اليوم للتبرؤ من الآخر، وحتّى أنّه يحاول إلقاء تبعات إرتكاب الذنب عليه، ولكن بتلك الحال لا يستطيع أي واحد منهم إثبات براءته. وشاهدنا في الآيات المذكورة أعلاه أنّ أئمّة الغواية والضلال يقولون بصراحة لتابعيهم: إنّ سبب تأثيرنا عليكم هو وجود روح الطغيان في داخلكم (بل كنتم قوماً طاغين). هذا الطغيان هيّأ لديكم أرضية التأثّر بإغوائنا، وعبّر هذا الطريق تمكّنا من نقل الخرافات إليكم (فأغويناكم إنّا كنّا غاوين). التوجّه الدقيق لمعنى (أغوى) والمشتقّة من (غي) يوضّح الموضوع، لأنّ كلمة (غيّ) كما يقول الراغب في (مفرداته) تعني الجهل الناشىء من المعتقدات الفاسدة، إذ أنّ أئمّة الضلال بقوا بعيدين عن معرفة حقائق الوجود والحياة، ونقلوا جهلهم ومعتقداتهم الفاسدة إلى تابعيهم الذين كانوا يحملون روح الطغيان في مقابل أمر الباري عزّوجلّ. وبهذا الدليل يعترفون هناك بأنّهم هم وتابعوهم يستحقّون العذاب، (فحقّ علينا قول ربّنا إنّا لذائقون). وكلمة (ربّ) هنا لها مغزى كبير، إذ أنّ الإنسان يصل إلى درجة بحيث أنّ الله الذي هو مالك ذلك الإنسان ومربّيه ولا يريد له سوى الخير والسعادة يأمر بالقائه في أشدّ العذاب!! وهذا أيضاً من شؤون ربوبيته. على أيّة حال فإنّ ذلك اليوم هو حقّاً (يوم الحسرة) حيث يندم فيه أئمّة الضلال وتابعوهم على أفعالهم، ولكن ما الفائدة؟ فليس هناك أي طريق للرجعة. ﴿فَأَغْوَيْنَاكُمْ﴾ فدعوناكم إلى الغي ﴿إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ﴾ فأجبنا أن تكونوا مثلنا.