ثمّ يضيف القرآن الكريم (طلعها كأنّه رؤوس الشياطين).
(الطلع) يقال لأوّل ما يبدو من حمل النخلة، وله قشر أخضر اللون، وفي داخله فروع بيضاء اللون تتحوّل فيما بعد إلى عنقود يحمل التمر.
وكلمة (طلع) من مادّة (طلوع) وبهذه المناسبة أُطلق على الثمر في أوّل ظهوره.
وهنا يطرح هذا السؤال: هل أنّ الناس شاهدوا رؤوس الشياطين حتّى يشبّه القرآن ثمار الزقّوم بها؟
المفسّرون أعطوا أجوبة متعدّدة لهذا السؤال:
فقال البعض: إنّ إحدى معاني كلمة (الشيطان) هي حيّة كريهة المنظر، شبّهت بها ثمار الزقّوم.
وذهب البعض الآخر إلى أنّه نوع من النبات ذو شكل قبيح، كما جاء في كتاب (منتهى الارب) أنّ (رأس الشيطان) أو (رؤوس الشياطين) نبات.
إلاّ أنّ الرأي الأصحّ، هو أنّ التشبيه هنا استخدم لبيان شدّة قباحة ثمار الزقّوم وشكلها الباعث على النفور والإشمئزاز، لأنّ الإنسان عندما يشمئز من شيء ترتسم صورة ذلك الشيء في مخيلته بشكل قبيح ورهيب، فيما ترتسم صورة الشيء المحبوب بشكل جميل ووديع في مخيلته.
لهذا فإنّ الناس يرسمون صورة الملائكة بشكل جميل، فيما يرسمون صورة الشياطين والعفاريت بأقبح صورة، في الوقت الذي لم ير أحد منهم الملائكة ولا الشياطين. كما يشاهد إستخدام هذا الأمر كثيراً في المصطلحات اليومية، عندما يقال: الشخص الفلاني كالعفريت، أو انّه يشبه الشيطان.
هذه كلّها تشبيهات مبنية على أساس الإنعكاسات الذهنية للناس عن مفاهيم مختلفة، وهي تشبيهات لطيفة وحيّة.
﴿طَلْعُهَا﴾ حملها ﴿كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ في القبح شبه بمنجل أو بحيات لها أعراف أو رءوس قباح تسمى شياطين.