ولكون هذه الحقائق مؤثّرة في الواعين من الناس فحسب، أضافت الآية التالية بأنّ هؤلاء الكفّار المعاندين غارقون في دوّامة الجهل والغفلة لدرجة أنّهم غافلون عمّا ينتظرهم من الوعيد: (بل قلوبهم في غمرة من هذا)(2).
وهذا الإنغمار في الجهل لا يسمح بمعرفة هذه الحقائق، ويمنع الضالّين من العودة إلى أنفسهم وإلى الله تعالى.
وتضيف هذه الآية (ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون)، وقد أورد المفسّرون تفاسير لقوله سبحانه: (ولهم أعمال من دون ذلك) فبعضهم قال: إنّها تعني الأعمال السيّئة التي يقترفها الناس عن جهالة (فعلى هذا تكون "ذلك" إشارة إلى جهلهم)، والأعمال هي الذنوب التي يرتكبها الإنسان عن غير علم ووعي وقال آخرون: إنّ المراد هو أنّهم إضافة إلى كفرهم إرتكبوا أنواعاً من الأعمال السيّئة.
واحتمل آخرون إختلاف برنامج الكفرة عن برنامج المؤمنين إختلافاً كبيراً.
ونحن نرى عدم إختلاف هذه التفاسير فيما بينها في نهاية الأمر، ويمكن الجمع بينها، المهمّ هو الإنتباه إلى أنّ مصدر الأعمال الشريرة يكمن في إنغمار القلوب في الجهالة.
﴿بَلْ قُلُوبُهُمْ﴾ أي الكفار ﴿فِي غَمْرَةٍ﴾ غفلة ﴿مِّنْ هَذَا﴾ مما وصف به هؤلاء أو من كتاب الأعمال ﴿وَلَهُمْ أَعْمَالٌ﴾ سيئة ﴿مِن دُونِ ذَلِكَ﴾ سوى ما هم عليه من الكفر ﴿هُمْ لَهَا عَامِلُونَ﴾ لا يتركونها.