وعندما أظهر رسول الله (ص) دعوته لتوحيد الله، أخذ أحدهم ينظر للآخر ويقول له: تعالى واسمع العجب العجاب (أجعل الآلهة إلهاً واحداً إنّ هذا لشيء عجاب)(3).
نعم، فالغرور والتكبّر إضافة إلى فساد المجتمع، تساهم جميعاً في تغيّر بصيرة الإنسان، وجعله متعجّباً من بعض الاُمور الواقعية والواضحة، في حين يصرّ بشدّة على التمسّك ببعض الخرافات والأوهام الواهية.
وكلمة (عجاب) على وزن (تراب) تعطي معنى المبالغة، وتقال لأمر عجيب مفرط في العجب.
فالسفهاء من قريش كانوا يعتقدون أنّه كلّما إزدادت عدد آلهتهم إزداد نفوذهم وقدرتهم، ولهذا السبب فإنّ وجود إله واحد يعدّ قليلا من وجهة نظرهم، في حين- كما هو معلوم- أنّ الأشياء المتعدّدة من وجهة النظر الفلسفية تكون دائماً محدودة، والوجود اللامحدود واحد لا أكثر، ولهذا السبب فإنّ كلّ الدراسات في معرفة الله تنتهي إلى توحيده.
﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ بحصره الألوهية في واحد ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ مفرط في العجب.