النعمة المهمّة الاُولى التي اُعيدت على أيّوب هي العافية والشفاء والسلامة، أمّا بقيّة النعم التي اُعيدت عليه، فاستعرضها القرآن المجيد (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمةً منّا وذكرى لاُولي الألباب).
وعن كيفية عودة عائلته إليه؟ وردت تفاسير متعدّدة، أشهرها يقول: إنّهم كانوا أمواتاً فأحياهم الله مرّة اُخرى.
ولكن البعض قال: إنّهم كانوا قد تفرّقوا عنه أيّام إبتلائه بالمرض، فجمعهم الله إليه بعد برئه.
ويحتمل أنّ جميعهم أو بعضهم ابتلي بمختلف أنواع الأمراض، وقد شملتهم الرحمة الإلهية وعادت إليهم صحّتهم وعافيتهم، ليجتمعوا مرّة اُخرى حول أيّوب.
أمّا قوله تعالى: (ومثلهم معهم)، فإنّها إشارة إلى تناسلهم وزيادة عددهم إلى الضعف، وبهذا إزداد عدد أبناء أيّوب إلى الضعف.
ورغم أنّ الآيات لا تتطرّق إلى إعادة أموال أيّوب إليه، ولكن الدلائل كلّها تبيّن أنّ الباريء عزّوجلّ أعاد إليه أمواله وأكثر من السابق.
الذي يلفت النظر في آخر الآية- محلّ البحث- أنّ هدف إعادة النعم الإلهيّة على أيّوب تحدّد بأمرين:
الأوّل: (رحمة منّا) والتي كان لها صبغة فردية، وفي الحقيقة إنّها مكافأة وجائزة من الباريء عزّوجلّ لعبده الصابر المقاوم أيّوب.
والثّاني: إعطاء درس لكلّ أصحاب العقول والفكر على طول التأريخ لأخذ العبر من أيّوب، كي لا يفقدوا صبرهم وتحمّلهم عند تعرّضهم للمشاكل والحوادث الصعبة، وأن لا ييأسوا من رحمة الله، بل يزيدوا من أملهم وتعلّقهم به.
المشكلة الوحيدة التي بقيت لأيّوب (ع) هي قسمه بضرب زوجته، إذ كان قد أقسم أيّام مرضه لئن برىء من مرضه ليجلدنّ امرأته مائة جلدة أو أقل لأمر أنكره عليها، ولكن بعدما برىء من مرضه رغب أيّوب في العفو عنها إحتراماً وتقديراً لوفائها ولخدماتها التي قدّمتها إليه أيّام مرضه، ولكن مسألة القسم بالله كانت تحول دون ذلك.
﴿وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ﴾ بأن ولد له ضعف ما هلك أو أحياهم ولد له مثلهم ﴿رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى﴾ عظة ﴿لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ﴾ ليصبروا كما صبر.