أمّا ما المقصود من كلمة (القول) في عبارة (يستمعون القول) فإنّ المفسّرين أعطوا عدّة آراء لتفسيرها، منها:
البعض فسّره بأنّه يعني (القرآن) الذي يحتوي على الطاعات والمباحات، واقتفاء الأحسن يعني اقتفاء الطاعات.
والبعض الآخر فسّرها بأنّها تعني مطلق الأوامر الإليهة المذكورة في القرآن وغير المذكورة فيه.
ولكن لم يتوفّر أيّ دليل على هذين التّفسيرين، بل أن ظاهر الآية يشتمل كلّ قول وحديث، فالمؤمنون هؤلاء يختارون من جميع الكلمات والاحاديث ما هو (أحسن)، ليترجموه في أعمالهم.
والطريف في الأمر أنّ القرآن الكريم حصر في الآية المذكورة أعلاه الذين هداهم الله بأُولئك القوم الذين يستمعون القول ويتبعون أحسنه، كما أنّه اعتبر العقلاء ضمن هذه المجموعة، وهذه إشارة إلى أنّ أفراد هذه المجموعة مشمولون بالهداية الإلهية الظاهرية، والباطنية، الهداية الظاهرية عن طريق العقل والإدراك، والهداية الباطنية عن طريق النور الإلهي والإمداد الغيبي، وهاتان مفخرتان كبيرتان للباحثين وراء الحقيقة ذوي التفكير الحرّ.
﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ أولاه بالقبول وأرشده إلى الحق وهو عام أو أريد به الذين اجتنبوا وأنابوا أي هم الذين ضموا هذه الخصلة إلى تلك ولذا وضع الظاهر موضع ضمير هم ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ﴾ بلطف ﴿وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ العقول الصحيحة.