أمّا المجموعة الثّانية فقد وصفها القرآن الكريم بوصفين، إذ قال: (و الذي جاء بالصدق وصدق به أُولئك هم المتقون).
فبعض الرّوايات الواردة عن أئمّة الهدى(عليهم السلام) فسّرت: (والذي جاء بالصدق)بأنّها تعود على النّبي (ص) و (صدق به) تعود على علي(ع)(2)، وبالطبع فإن المقصود من ذلك هو بيان مصداقية الآية، لأنّ عبارة: (أُولئك هم المتقون)دليل على شمولية الآية.
ومن هنا يتّضح أنّ تفسير الآية المذكورة أعلاه بأن المراد شخص رسول الله(ص) الذي هو مهبط الوحي و المصدق به في نفس الوقت، فهو أيضاً من قبيل بيان مصداق الآية وليس بيان المفهوم العام لها.
لذلك فإنّ مجموعة من المفسّرين فسّروا عبارة قوله تعالى: (والذي جاء بالصدق)بأنّه يعني كلّ الأنبياء و (صدق به)يعني أتباعهم الحقيقيين، وهم المتقون.
وهناك تفسير آخر للآية، لكنّه أوسع وأكثر شمولية من التفاسير الأُخرى، رغم أنّه لم يحظ كثيراً باهتمام المفسّرين، لكنّه أكثر انسجاماً مع ظاهر الآيات، والتّفسير هو أن (الذي جاء بالصدق) ليس منحصراً في الرّسل فقط، وإنّما يشمل كلّ الذين يبلغون نهج الأنبياء ويروجون كلام الله، وفي هذه الحالة فلا يوجد أي مانع من القول بأن العبارتين تنطبقان على مجموعة واحدة (كما يوضح ذلك ظاهر الآية، لأنّ ضمير (والذي ذكر مرّة واحدة فقط).
وبهذا الشكل فإنّ الآية تتحدّث عن أناس هم من حملة الرسالة و من العاملين به، وتتحدّث عن أولئك الذين ينشرون في العالم ما ينزل به الوحي من كلام الباريء عزّوجلّ وهم يؤمنون به ويعملون به، وهكذا فإنّ الآية تضم الأنبياء والأئمّة المعصومين والدعاة لنهج الأنبياء.
والملفت للنظر أنّ الاية عن الوحي "بالصدق" وهو اشارة إلى أن الكلام الوحيد الذي لا يحتمل وجود الكذب والخطأ فيه هو كلام الله الذي نزل به الوحي، فإن سار الإنسان في ظلّ تعليمات نهج الأنبياء وصدقها فإنّ التقوى سوف تتفتح في داخل روحه.
﴿وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ﴾ بالقرآن وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ أي هو ومن تبعه لقوله ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ أو أريد به الجنس ليشمل الرجل وأتباعهم.