لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
لذا فإنّ الله جلّ وعلا يضيف في الآية التالية (قل لله الشفاعة جميعاً) لأنّه (له ملك السماوات والأرض ثمّ إليه ترجعون). وبهذا الشكل لم يبق لديهم شيء، لأنّ النظام المسيطر والحاكم على كلّ العالم يقول: لا شفاعة هناك ما لم يأذن الباريء عزّوجلّ بذلك (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)(6). أو كما يقول بعض المفسّرين: إنّ حقيقة الشفاعة، هي التوسل بأسماء الله الحسنى، التوسل برحمته وغفرانه وستره، طبقاً لهذا فإنّ كافة أشكال الشفاعة تعود في النهاية إلى ذاته المقدسة، إذن كيف يمكن طلب الشفاعة من غيره وبدون إذنه(7). وبشأن إرتباط عبارة (ثم إليه ترجعون) بما قبلها، أظهر المفسّرون عدّة آراء مختلفة منها: 1 - هذه العبارة إشارة إلى أنّ شفاعة الباريء عزّوجلّ لا تقتصر على هذه الدنيا، وإنّما تتعداها إلى الشفاعة في الآخرة، ولذا يجب عدم اللجوء إلى غير الله لحل المشاكل ورفع المصائب كما كان يفعل المشركون. 2 - هذه العبارة هي دليل ثان على اختصاص الشفاعة بالله، لأنّ الدليل الأوّل اعتمد على (مالكية) الله، وهنا تمّ الاعتماد على (عودة جميع الأشياء إليه). 3ـ هذه الجملة هي بمثابة تهديد للمشركين، إذ تقول لهم: إنّكم سترجعون إلى الله، وستشاهدون نتيجة أفكاركم وأعمالكم السيئة والقبيحة. كلّ هذه التفاسير مناسبة إلاّ أنّ التّفسيرين الأوّل والثّاني أنسب. ملاحظتان 1 - عجائب عالم الرؤيا؟ ما هي حقيقة النوم؟ وما سبب ميل الإنسان إلى النوم؟ بهذا الشأن كتب العلماء أبحاثاً كثيرة: فالبعض منهم قال: إنّه يأتي نتيجة انتقال جزء كبير من الدم الموجود في المخ إلى بقية أجزاء الجسم، ولذا فإنّ السبب هنا (فيزياوي). والبعض الآخر يعتقد أنّ النشاط الإضافي للجسم يؤدي إلى تجمع مواد سامّة معينة في الجسم، وهذه الحالة تؤثر على الأنظمة العصبية وتدفع الإنسان إلى النوم، وتستمر هذه الحالة عند الإنسان حتى تتمّ تجزئة تلك السموم وامتصاصها من قبل الجسد، وبهذا يكون السبب هنا (كيمياوياً). مجموعة اُخرى تقول: إن سبب النوم إنّما يعود لأسباب عصبية لأنّ هناك جهازاً عصبياً نشطاً في داخل مخ الإنسان، وهذا الجهاز هو مصدر الحركة المستمرة لبقية أعضاء الجسم، وهو يتوقف عن العمل إثر التعب الشديد الذي يصيبه فيحصل النوم. النظريات المذكورة أعلاه عجزت عن إعطاء جواب مقنع فيما يخص مسألة النوم، رغم أنّنا لا يمكن أن ننكر تأثير هذه الأسباب ولو بمقدار ضئيل. نحن نعتقد أنّ التفكير المادي لعلماء اليوم هو السبب الرئيسي الذي يكمن وراء عجزهم عن إعطاء تفسير واضح لمسألة النوم، إذا أنّهم يريدون تفسير هذه المسألة من دون قبول أصالة واستقلالية الروح، فالنوم قبل أن يكون ظاهرة جسدية هو ظاهرة روحية، ومن دون معرفة الروح بصورة صحيحة فإنّ تفسير النوم حالة متعذرة. القرآن المجيد وضّح من خلال آياته المذكورة أعلاه أدقّ التفاسير لمسألة النوم، إذ يقول: إن النوم هو نوع من أنواع (قبض الروح) وانفصال الروح من الجسد، ولكن هذا الانفصال ليس انفصالا كاملا. وبهذا الشكل فعندما يخفت شعاع الروح في الجسد بأمر من الله، ولا يبقى غير شعاع خافت اللون يشع في ذلك الجسد، يتعطل جهاز الإدراك والشعور عن العمل، و يتوقف الحسّ والحركة عند الإنسان، عدا بعض الأجزاء التي تبقى تواصل نشاطها لحفظ واستمرار الحياة عند الإنسان، كضربات القلب و دوران الدم ونشاطات الجهاز التنفسي والغذائي. وقد ورد في حديث عن الإمام الباقر(ع): "ما من أحد ينام إلاّ عرجت نفسه إلى السماء، وبقيت روحه في بدنه، وصار بينهما سبب كشعاع الشمس، فإن أذن الله في قبض الأرواح أجابت الروح النفس، وإن أذن الله في ردّ الروح أجابت النفس الروح، فهو قوله سبحانه: (الله يتوفى الأنفس حين موتها)"(8). وثمّة مسألة مهمّة اُخرى هي مسألة (الرؤيا) لأنّ الكثيرين يرون في عالم الرؤيا أحلاماً حدثت و قائعها أو ستحدث فيما بعد في الواقع، مع اختلافات جزئية أو بدون أيّ اختلاف. التفاسير المادية عاجزة عن توضيح مثل هذه الرؤيا والأحلام، في حين أن التفاسير الروحية تستطيع بسهولة توضيح هذا الأمر، لأنّه عندما تنفصل روح الإنسان عن جسده وترتبط بعالم الأرواح، تدرك حقائق كثيرة لها علاقة بالماضي والمستقبل، وهذه الحالة هي التي تشكل أساس الرؤيا الصادقة، وللتوضيح أكثر يراجع التفسير الأمثل) في نهاية الآية (9) من سورة يوسف، إذ أنّ هناك شرحاً مفصلا بهذا الخصوص. 2 - النوم كما ورد في الروايات الإسلامية: يتضح جيداً من خلال روايات المفسّرين التي وردت في نهاية الآيات المذكورة أعلاه، أنّ النوم يعني في الإسلام حركة الروح نحو عالم الأرواح، فيما تعني اليقظة عودة الروح إلى الجسد لبدء حياة جديدة. ونقرأ في حديث ورد عن أمير المؤمنين ع ضمن وصاياه لأصحابه: "لا ينام المسلم وهو جنب، لا ينام إلاّ على طهور، فإن لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد، فإنّ روح المؤمن ترفع إلى الله تعالى فيقبلها، ويبارك عليها، فإن كان أجلها قد حضر جعلها في كنوز رحمته، وإن لم يكن أجله قد حضر بعث بها مع أمنائه من ملائكته، فيردونها في جسده"(10). وورد حديث آخر عن الإمام الباقر (ع) جاء فيه: "إذا قمت بالليل من منامك فقل: الحمد لله الذي ردّ عليّ روحي لأحمده وأعبده"(11). والأحاديث في هذا الشأن كثيرة. ﴿قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ أي هو مختص بها فلا يشفع أحد إلا بإذنه ﴿لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ يوم القيامة فلا ملك حينئذ إلا له.