ثمّ يرد القرآن الكريم عليهم بردّ عقلي، إذ يقول: (أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر).
فالكثير من الأشخاص الكفوئين نراهم يعيشون حياة المستضعفين والبسطاء، في حين نرى أنّ الكثير من الأشخاص غير الكفوئين يعيشون أثرياء ومتنعمين من كلّ النواحي، فلو كان الظفر المادىّ كلّه يأتي عن طريق جهد وسعي الإنسان إضافة إلى كفاءته، لما كنّا نرى مثل هذه المشاهد. إذن فمن هنا يستدل على وجود يد قوية اُخرى خلف عالم الاسباب تدير الشؤون وفق منهج محسوب.
صحيح أنّه يجب على الإنسان أن يبذل الجهد والسعي في حياته، وصحيح أنّ الجهاد والسعي هما مفتاح حلّ الكثير من المشاكل، ولكن إغفال مسبب الأسباب والنظر إلى الأسباب فقط، واعتبار الكفاءة هي المؤثر الوحيد يعد خطأً كبيراً.
فإحدى أسرار إحاطة الفقر والحرمان بمجموعة من العلماء المقتدرين، وإحاطة الغنى بمجموعة من الجهلة غير الأكفاء هو تنبيه لكلّ الناس التائهين في عالم الأسباب بأن لا يعتمدوا فقط على قواهم الذاتية. لذا تضيف الآية (إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون).
الآيات التي وضحها أمير المؤمنين ع عندما قال: "عرفت الله بفسخ العزائم وحل العقود الهمم"(3). وهي كلمة سامية تدلّ على ضعف وعجز الإنسان كي لا يتيه ولا يبتلى بالغرور والتكبر.
﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ﴾ يوسعه ﴿لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ﴾ ويضيقه ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ بأنه الباسط القابض