من مجموع كلّ الأُمور التي ذكرناها في الآيات السابقة بشأن فروع التوحيد، يمكن الحصول على نتيجة جيدة، وهي أنّ التوحيد في العبادة هو حقيقة لا يمكن نكرانها وعلى كلّ إنسان عاقل أن لا يسمح لنفسه بالسجود للأصنام، ولهذا فإن البحث ينتهي بآية تتحدث بلهجة حازمة ومتشددة (قل أفغير الله تأمرونّي أعبد أيّها الجاهلون).
هذه الآية - وبالنظر الى أنّ المشركين والكفرة كانوا أحياناً يدعون رسول الله (ص) إلى احترام آلهتهم وعبادتها، أو على الأقل عدم الانتقاص منها أو النهي عن عبادتها، - أعلنت وبمنتهى الصراحة أنّ مسألة توحيد الله وعدم الإشراك به هي مسألة لا تقبل المساومة والإستسلام أبداً، إذ يجب أن تزال كافة أشكال الشرك وتمحى من على وجه الأرض.
فالآية تعني أنّ عبدة الأصنام على العموم هم أناس جهلة، لأنّهم لا يجهلون فقط الباريء عزّوجلّ، بل يجهلون حتى مرتبة الإنسان الرفيعة.
إنّ التعبير بـ "تأمروني"، الذي ورد - في الآية الآنفة - يشير إلى أنّ الجهلة كانوا يأمرون رسول الله(ص) بأن يعبد أصنامهم بدون أيّ دليل منطقي، وهذا الموقف ليس بعجيب من أفراد جهلة.
أليس من الجهل والغباء أن يترك الإنسان عبادة الباريء عزّوجلّ رغم مشاهدته للكثير من الأدلّة في هذا العالم والتي تدلّ على علمه وقدرته وتدبيره وحكمته، ثمّ يتمسّك بعبادة موجودات تافهة لا قيمة لها وعاجزة عن تقديم أدنى مساعدة وعون لعبدتها.
﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾.