الآية التي بعدها ترتب نتيجة على ما سبق فتقول: (فادعوا الله مخلصين له الدين) إنهضوا واضربوا الأصنام وحطموها بفؤوس الإيمان، وامحوا آثارها من ذاكرة الفكر والثقافة والمجتمع.
ومن الطبيعي أنّ وقفتكم الرّبانية هذه ستؤذي الكافرين والمعاندين، لكن عليكم أن لا تسمحوا للخوف أن يتسرّب الى قلوبكم، أخلصوا نيّاتكم: (ولو كره الكافرون).
ففي المجتمع الذي يشكل فيه عبدة الأصنام الغالبية، يكون طريق أهل التوحيد موحشاً في باديء الأمر، مثل شروق الشمس في بدايات الصباح الأولى وسط عالم الظلام والخفافيش، لكن عليكم أن لا تركنوا إلى ردود الأفعال غير المدروسة، تقدموا بحزم وإصرار، وارفعوا راية التوحيد والإخلاص، وانشروها في كلّ مكان.
تصف الآية التي تليها خالق الكون ومالك الحياة والموت، بعض الصفات المهمّة، فتقول: (رفيع الدرجات) فهو تعالى يرفع درجات العباد الصالحين كما في قوله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)(2).
وحتى بين النّبيين فقد فضّل الله بعضهم على بعض بسبب اجتيازهم للإمتحان والإختبار أكثر من غيرهم، فأخلصوا لله تعالى بمراتب أعلى وأفضل: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض)(3).
لقد استخلف الله الإنسان في هذه الأرض، وجعل منه خليفته، وفضّل البعض على البعض الآخر وفقاً لاختلاف الخصائص والقابليات لدى الإنسان: (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات)(4).
فإذا كانت الآية السابقة قد دعت إلى الإخلاص في الدين، فإنّ الآية التي بين أيدينا تقول: إنّ الله تبارك وتعالى سوف يرفع درجاتكم بمقدار إخلاصكم، فهو رفيع الدرجات.
﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ من الشرك ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.