ثم تضيف الآية على لسانه: (ويا قوم إنّي أخاف عليكم يوم التناد) أي يوم تطلبون العون من بعضكم البعض، إلاّ أصواتكم لا تصل إلى أي مكان.
"التناد" مأخوذة اًصلا من كلمة "ندا" وتعني "المناداة" (وهي في الأصل (التنادي) وحذفت الياء ووضعت الكسرة في محلّها) والمشهور بين المفسّرين أنّ (يوم التناد) هو من أسماء يوم القيامة، وقد ذكروا أسباباً لهذه التسمية متشابهة تقريباً، فمنهم من يقول: إن ذلك يعود إلى مناداة أهل النّار لأهل الجنّة، كما يقول القرآن: (ونادى أصحاب النّار أصحاب الجنّة أن أفيضوا علينا من الماء أو ممّا رزقكم الله) فجاءهم الجواب: (إنّ اللّه حرّمهما على الكافرين)(2)(3). أو أنّ التسمية تعود إلى مناداة الناس بعضهم لبعض طلباً للعون والمساعدة.
وهناك من قال: إن سبب التسمية يعود إلى أنّ الملائكة تناديهم للحساب، وهم يطلبون العون من الملائكة.
أو لأنّ منادي المحشر ينادي: (ألا لعنة الله على الظالمين)(4).
وقال بعضهم: إنّ السبب يعود إلى أنّ المؤمن عندما يشاهد صحيفة أعماله ينادي برضى وشوق: (هآؤم اقرؤا كتابيه)(5) بينما الكافر من شدة خوفه و هول ما يحلّ به يصرخ وينادي: (ياليتني لم أوت كتابيه)(6).
ولكن يمكن تصور معنى أوسع للآية، بحيث يشمل "يوم التناد في هذه الدنيا أيضاً، لأنّ المعنى - كما رأيناـ يعني (يوم مناداة البعض للبعض الآخر) وهذا المعنى يعبّر عن ضعف الإنسان وعجزه عندما تنزل به المحن وتحيطه المصاعب والملمّات، وينقطع عنه العون وأسباب المساعدة، فيبدأ بالصراخ ولكن بغير نتيجة.
وفي عالمنا هذا ثمّة أمثلة عديدة على "يوم التناد" مثل الأيّام التي ينزل فيها العذاب الإلهي، أو الأيّام التي يصل فيها المجتمع إلى طريق مسدود لكثرة ما ارتكب من ذنوب وخطايا، وقد نستطيع أن نتصور صوراً اُخرى عن يوم التناد في حياتنا من خلال الحالات التي يمرّ بها الناس بالمشاكل والصعاب المختلفة حيث يصرخ الجميع عندها طالبين للحل والنجاة!
﴿وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ﴾ يوم القيامة ينادي فيه بعضهم بعضا بالويل والثبور أو يتنادى أهل الجنة وأهل النار أو ينادى كل أناس بإمامهم.