في آخر كلامه - وبتهديد ذي مغزى - يقوله لهم: (فستذكرون ما أقول لكم).
إنّ ما قلته لكم ستذكرونه في الدنيا والآخرة، وستعلمون صدقي عندما تصيبكم المصائب، وينزل بساحتكم الغضب الإلهي، لكن سيكون ذلك كلّه بعد فوات الأوان، فإن كان في الآخرة فلا طريق للرجوع، وإن كان في الدنيا فهو لا يتم إلاّ حين يحل بكم العذاب الإلهي، وعندها ستغلق جميع أبواب التوبة.
ثم تضيف الآية على لسان الرجل المؤمن: (وأفوض أمري إلى اللّه إنّ الله بصير بالعباد).
لهذا كلّه لا أخشى تهديداتكم، ولا أرهب كثرتكم وقوتكم، ولا تخيفني وحدتي بيّن أيديكم، لأني وضعت نفسي بين يدي المطلق ذي القدرة اللامتناهية، والمحيط علمه بكل شيء، وبأحوال عباده أينما كانوا وحلّوا.
إنّ هذا التعبير يستبطن في طياته دعاء مهذباً انطلق من الرجل المؤمن الذي وقع أسيراً في قبضة هؤلاء الأشقياء الظالمين.لذلك طلب بشكل مؤدب من خالقه (جلّ وعلا) أن يحميه بحمايته وينقذه ممّا هو فيه .
﴿فَسَتَذْكُرُونَ﴾ إذا عاينتم العذاب ﴿مَا أَقُولُ لَكُمْ﴾ من النصح ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ﴾ ليقيني شركم ﴿إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾.