الآية التي بعدها تستمر في إثارة قضية توحيد العبودية من طريق آخر. فتؤّكد انحصار الحياة الواقعية بالله تعالى وتقول: (هو الحي).
إنّ حياته عين ذاته، ولا تحتاج إلى الغير. حياته (جلّ وتعالى) أبدية لا يطالها الموت، بينما جميع الكائنات الحية تتمتع بحياة مقرونة بالموت وحياتها محدودة وموقتة تسترفد هذه الحياة من الذات المقدسة.
لذلك ينبغي للإنسان الفاني المحدود المحتاج أن يرتبط في عبادته بالحي المطلق، من هنا تنتقل الآية مباشرة إلى تقرير معنى الوحدانية في العبودية من خلال قوله تعالى: (لا إله إلاّ هو).
وعلى اساس هذه الوحدانية تتقرّر قضية اُخرى يتضمنها قوله تعالى: (فادعوه مخلصين له الدين) واتركوا جانباً كلّ شيء غيره. لأنّها جميعاً فانية، وحتى في حال حياتها فهي في تغيّر دائم "فالذي لا يتغيّر هو الله تعالى فقط. والذي لم يمت ولن يموت هو سبحانه فحسب".
ثم تنتهي الآية بقوله تعالى: (الحمد لله ربّ العالمين).
والتعبير القرآني درس للعباد بأن يتوجهوا الشكر والحمد إلى الخالق جلّوعلا دون غيره، فهو جزيل العطايا كثير المواهب مطلق النعم على عباده، خاصّة نعمة الحياة والوجود بعد العدم.
﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ لا مثل له ولا ضد ولا ند ﴿فَادْعُوهُ﴾ فاعبدوه ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ من الشرك والرياء قائلين ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.