التّفسير
فاصبر... حتى يأتيك وعد الله:
بعد سلسلة البحوث السابقة عن جدال الكافرين وغرورهم وتكذيبهم الآيات الإلهية والدلائل النبوية، تأتي هاتان الآيتان لمواساة النّبي الأكرم(ص)وتأمرانه بالصبر والإستقامة في مواجهة المشاكل والصعاب.
يأتي الأمر أوّلا في قوله تعالى: (فاصبر إنّ وعد الله حق).
إن وعده بالنصر حق، ووعده بمعاقبة المستكبرين المغرورين حق، وكلاهما سيتحققان، على أعداء الحق أن لا يظنّوا بأنّهم يستطيعون الهروب من العذاب الإلهي بسبب تأخر عقابهم، لذلك تضيف الآية:(فإمّا نُرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون)(1).
إنّ مسؤوليتك هي التبليغ البليغ وإتمام الحجة على الجميع، حتى تتنور القلوب اليقظة ببلاغك، ولا يبقى للمعاندين عذر!
عليك أن تهتم بإنجاز مهمتك ولا تنتظر أن تحقق الوعيد عاجلا بإنزال العقاب على هذه الفئة الضالة.
والكلام يتضمّن تهديداً إلى تلك الفئة لكي يعلموا أنّ العذاب لا بدّ مصيبهم، ونازل بساحتهم، فكما نال بعضهم العقاب الذي يستحقونه في هذه الدنيا في "بدر" و غيرها، فهناك أيضاً يوم القيامة والعذاب المنتظر.
ثم تشير الآية الكريمة إلى الوضع المشابه الذي واجهه الرسل والأنبياء قبل رسول الله(ص) كي تكون في هذه الذكرى مواساة أكثر للرسول الكريم، حيث واجه الانبياء السابقين مثل هذه المشاكل، إلاّ أنّهم استمروا في طريقهم و احتفظوا بمسارهم المستقيم.
﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ بالانتقام منهم ﴿حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ من القتل والأسر وجواب الشرط محذوف أي فذاك ﴿أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ قبل ذلك ﴿فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ فنجازيهم بأعمالهم.