وهذا الكتاب بشير للصالحين نذير للمجرمين: (بشيراً ونذيراً) إلاّ أنّ أكثرهم: (فاعرض أكثرهم فهم لا يسمعون)(4).
بناء على ذلك فإنّ أول خصائص هذا الكتاب هو أنّهُ يتضمّن في تشريعاته وتعاليمه كلّ ما يحتاجهُ الإنسان وفي جميع المستويات، ويلبي ميوله ورغباته الروحية.
الصفة الثانية أنّه متكامل، لأنّ "قرآن" مشتق من القراءة، وهي في الأصل بمعنى جمع أطراف وأجزاء الكلام.
الصفة الثّالثة تتمثل بفصاحة القرآن وبلاغته، حيث يذكر الحقائق بدقّة بليغة دون أي نواقص. وفي نفس الوقت يعكسها بشكل جميل وجذّاب.
الصفتان الرابعة والخامسة تكشفان عن عمق التأثير التربوي للقرآن الكريم، عن طريق أسلوب الإنذار والوعيد والتهديد والترغيب، فآية تقوم بتشويق الصالحين والمحسنين بحيث أنّ النفس الإنسانية تكاد تطير وتتماوج في أشواق الملكوت والرحمة. وأحياناً تقوم آية بالتهديد والإنذار بشكل تقشعر منه الأبدان لهول الصورة وعنف المشهد.
إنّ هذين الأصلين التربّويين (الترغيب والتهديد) متلازمان في الآيات القرآنية ومترابطان في أُسلوبه.
ومع ذلك فإنّ المتعصبين المعاندين لا يتفاعلون مع حقائق الكتاب المنزل، وكأنّهم لا يسمعونها أبداً بالرغم من السلامة الظاهرية لأجهزتهم السمعية، إنّهم في الواقع يفتقدون لروح السماع وإدراك الحقائق، ووعي محتويات النذير والوعيد القرآني.
﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ﴾ عن تدبره ﴿فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ سماع قبول.