التّفسير
مراحل خلق السماوات والأرض:
الآيات أعلاه نماذج للآيات الآفاقية، وعلائم العظمة، وقدرة الخلق جلّوعلا في خلق الأرض والسماء، وبداية خلق الكائنات، حيث يأمر تعالى النّبي الأكرم(ص) بمخاطبة الكافرين والمشركين وسؤالهم: هل يمكن إنكار خالق هذه العوالم الواسعة العظيمة؟
لعلّ هذا الأسلوب يوقظ فيهم إحساسهم ووجدانهم فيحتكمون للحق.
يقول تعالى: (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين). وتجعلون لله تعالى شركاء ونظائر: (وتجعلون له أنداداً).
إنّه لخطأ كبير، وكلام يفتقد إلى الدليل. (ذلك ربّ العالمين).
إنّ الذي يدبّر أُمور هذا العالم، أليس هو خالق السماء والأرض؟ فإذا كان سبحانه وتعالى هو الخالق، فلماذا تعبدون هذه الأصنام وتجعلونها بمنزلته؟!
إنّ الذي يستحق العبادة هو الذي يقوم بالخلق والتدبير، ويملك هذا العالم ويحكمه.
الآية التى تليها تشير إلى خلق الجبال والمعادن وبركات الأرض والمواد الغذائية، حيث تقول: (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيّام) وهذه المواد الغذائية هي بمقدار حاجة المحتاجين: (سواء للسائلين)(1).
وبهذا الترتيب فإنّ تبارك وتعالى قد دبّر لكلّ شيء قدره وحاجته، وليس ثمّة في الوجود من نقص أو عوز، كما في الآية (50) من سورة "طه" حيث قوله تعالى: (ربّنا الذي أعطى كلّ شيء خلقه ثمّ هدى).
المقصود من "السائلين" هنا هم الناس، أو أنّها تشمل بشكل عام الإنسان والحيوان والنبات (وإذا ذكرت بصيغة الجمع للعاقل فهي من باب التغليب).
ووفق هذا التّفسير فإنّ الله تعالى لم يحدّد احتياجات الإنسان لوحده منذ البداية وحسب، وإنّما فعل ذلك للحيوانات والنباتات أيضاً.
﴿قُلْ﴾ توبيخا لهم ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ مقدارهما ﴿وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا﴾ شركاء ﴿ذَلِكَ﴾ الخالق ﴿رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ مالكهم وخالقهم ومدبرهم.