المجرمون يستغربون هذه الظاهرة، وآية استغرابهم قوله تعالى: (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا).
لسان حالهم يقول: لقد كنّا لسنين مديدة نحافظ عليكم من الحر والبرد ونعتني بنظافتكم، فلماذا أنتم هكذا؟
وفي الجواب يقولون: (قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كلّ شيء).
لقد أعطانا الله مهمّة القيام بالشهادة على أعمالكم في هذه المحكمة العظيمة، ولا نملك نحن سوى الطاعة، فالذي أعطى غيرنا من الكائنات قابلية النطق أعطانا - أيضاً - هذه القابلية(3).
والطريف هنا أن أُولئك يسألون جلودهم دون باقي الأعضاء من الشهود كالعين والأذن.
قد يكون السبب في ذلك أنّ شهادة الجلود هي أغرب وأعجب من جميع الأعضاء الأُخرى، وأوسع منها جميعاً، فتلك الجلود التي يجب عليها أن تذوق طعم العذاب الإلهي - قبل غيرها من الأعضاء - تقوم بمثل هذه الشهادة، وهذا الأمر محيّر حقاً!
ثم تستمر الآية بقوله تعالى: (وهو خلقكم أول مرّة وإليه ترجعون).
﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ من كلام الجلود أو استئناف يقرر ما قبله.