ومرة اُخرى تضيف: (وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم).
وإنّ سبب إخفائكم لأعمالكم هو: (ولكن ظننتم أنّ الله لا يعلم كثيراً ممّا تعملون).
كنتم غافلين عن أنّ الله يسمع ويرى، يشهد أعمالكم في كلّ حال ومكان، ويعلم أسراركم ما بطن منها وما ظهر، ثمّ هناك عناصر الرقابة التي ترافقكم وهي معكم في كلّ مكان، فهل تستطيعون إنجاز عمل مخفي عن أعينكم وآذانكم وجلودكم؟
إنّكم في قبضة القدرة الإلهية وتحت نظر الشهود المستترين والظاهرين حتى أدوات ذنبكم تشهد ضدكم؟!
يروي المفسّرين أنّ الآية أعلاه نزلت في ثلاثة نفر من كفار قريش وطائفة من بني ثقيف ذوي بطون كبيرة و رؤوس صغيرة اجتمعوا بجوار الكعبة وهم يتسارّون، فقال أحدهم: أتظنون أن الله يسمع كلامنا وحديثنا هذا؟
فأجاب آخر: تكلّم بهدوء واخفض صوتك، فإذا تحدثنا بصوت عال فهو (أي الله جلّ جلاله) يسمعه، وإذا خفضنا أصواتنا فلا يسمعنا.
فقال الثّالث: إذا كان الله يسمع الكلام العالي فهو حتماً يسمع الصوت الضعيف أيضاً.
وهنا نزلت الآية الكريمة: (وما كنتم تستترون أن...)(4).
﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾ عند ارتكابكم القبائح من ﴿أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ لأنكم لم تظنوا أنها تشهد عليكم لإنكار البعث ﴿وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ وهو ما أخفيتموه.