قوله تعالى: (له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم).
إنّ مالكيته تعالى لما في السماء والأرض تستوجب ألاّ يكون غريباً عن مخلوقاته وما يؤول إليه مصيرها، بل يقوم بتدبير أُمورها وحاجاتها عن طريق الوحي، وهذه هي الصفة الثّالثة من الصفات السبع.
أمّا "العليّ" و "العظيم" اللذان هما رابع وخامس صفة لهُ (سبحانهُ وتعالى) في هذه الآيات، فهما يشيران إلى عدم حاجته لأي طاعة أو عبودية من عباده، وإنّما قام تعالى بتدبير أمر العباد عن طريق الوحي من أجل أن ينعم على عباده.
الآية التي بعدها تضيف: (تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن)(4) وذلك بسبب نزول الوحي من قبل الله، أو بسبب التُهم الباطلة التي كان المشركون والكفّار ينسبونها إلى الذات المقدسة ويشركون الأصنام في عبادته.
ويتّضح ممّا سلف أنّ للجملة معنيين:
الأوّل: أنّها تختص بموضوع الوحي الذي هو حديث الآيات السابقة، وهو في الواقع يشبه ما جاء في الآية(21) من سورة "الحشر" في قوله تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله).
إنّه كلام الله الذي يزلزل السماوات عند نزوله وتكاد تتلاشى، فلو أنّه نزل على الجبال لتصدّعت، لأنّه كلام عظيم من خالق حكيم.
والويل لقلب الإنسان، فهو الوحيد الذي لا يلين ولا يستسلم، ويصر على عناده وتكبره.
التّفسير الثّاني: أنّ السماوات تكاد تتفطّر وتتلاشى بسبب شرك المشركين وعبادتهم للأصنام من دون الله، بل هم يساوون بين أدنى الكائنات والموجودات وبين المبدأ العظيم خالق الكون جلَّ وعلا.
﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾.